تُتابِعُ رابطةُ عُلماءِ المُسلِمين، ببالغِ الحزنِ والأسى، الكارثةَ الإنسانيَّةَ التي حلَّتْ بقَريةِ تَرسين الواقعةِ شرقَ جبلِ مُرَّة بإقليمِ دارفور – السودان، حيثُ أدَّى انزلاقٌ أرضيٌّ مدمِّر – نتيجةَ الأمطارِ الغزيرة – إلى طَمرِ القَريةِ بالكامِل، مما أسفرَ عن وفاةِ أكثرَ من ألفِ شخصٍ، ولم ينجُ مِن سُكَّانِها إلَّا شخصٌ واحدٌ فقط، في واحدةٍ من أفظعِ الكوارثِ الطبيعيَّةِ في تاريخِ السودانِ الحديث.
وإذ تتقدَّمُ الرابطةُ بخالِصِ التَّعازي وصادقِ المُواساةِ إلى أُسَرِ الضحايا، وإلى أهلِ دارفورَ كافَّةً، فإنَّها تُؤكِّدُ على ما يلي:
أوَّلاً: نقف مع أهلنا في دارفور في هذا المصاب الجلل، ونتضامن معهم، سائلين الله تعالى أن يتغمد الشهداء بواسع رحمته، وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان، ونذكرهم بأنّ المصائب من تقدير الله تعالى ليبتلي عباده، حتى يصبروا فيرفع درجاتهم : قال تعالى ﴿مَاۤ أَصَابَ مِن مُّصِیبَةࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِیۤ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِی كِتَـٰبࣲ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَاۤۚ إِنَّ ذَ ٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ یَسِیرࣱ * لِّكَیۡلَا تَأۡسَوۡا۟ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ وَلَا تَفۡرَحُوا۟ بِمَاۤ ءَاتَىٰكُمۡۗ وَٱللَّهُ لَا یُحِبُّ كُلَّ مُخۡتَالࣲ فَخُورٍ﴾ [الحديد ٢٢-٢٣]﴾ .
وقد بَشَّرَنا رسولُ اللهِ ﷺ بأنَّ مَن ماتَ تحتَ الانهيارِ الأرضيِّ أو الطَّمْرِ بسببِ الكوارثِ الطبيعيَّةِ يُرْجى له الشَّهادةُ، عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: “الشُّهداءُ خمسةٌ: المطعونُ، والمبطونُ، والغَرِقُ، وصاحبُ الهدمِ، والشهيدُ في سبيلِ اللهِ” رواه البخاري ومسلم .
و*”صاحبُ الهدمِ”* هو من ماتَ تحتَ الأنقاضِ نتيجةَ سقوطِ بيتٍ أو جبلٍ أو ما شابهَ ذلك، ويدخلُ فيهِ مَن ماتَ بسببِ انزلاقٍ أرضيٍّ أو زلزلةٍ.
وذلكَ من رحمةِ اللهِ بأمَّتهِ، وتكريمًا لعبادِهِ الذينَ يموتونَ في المصائبِ دونَ تقصيرٍ منهم.
ثانياً : تُناشِدُ الرابطةُ المنظماتِ الإنسانيَّةَ الإقليميَّةَ والدَّوليَّةَ، وخاصةً العربية منها والإسلامية، بالتدخُّلِ الفوري والعاجل لانتِشالِ جثامينِ الضحايا، وتقديمِ المُساعداتِ الإنسانيَّةِ والإغاثيَّةِ للناجينَ والمُتضررين، خاصَّةً في ظلِّ الحربِ الدائرةِ في الإقليمِ، وما تسبَّبتْ به من تعقيدٍ للمشهدِ الإنسانيِّ، كما تُناشدُ الرابطةُ الحكومةَ السودانية، وأهلَ الفضلِ والإحسانِ في الداخلِ السوداني، أنْ يُبادروا ببذلِ الجهودِ العاجلةِ لتخفيفِ المعاناةِ، وتقديمِ العونِ بكافَّةِ الوسائلِ والإمكاناتِ المتاحة.
ثالثاً : تُهيبُ الرابطةُ بالحكوماتِ الإسلاميَّةِ، والمنظماتِ الخيريَّةِ، إلى المُسارعةِ في إغاثةِ الملهوفين، وتوفيرِ الحاجاتِ الأساسيَّةِ مِن مَأوى وغِذاءٍ ودواءٍ .
هذا ، وتُذكِّرُنا هذه الكارثةَ بالمسؤوليَّة، بضرورةِ تعزيزِ البُنى التحتيَّةِ، واتِّخاذِ وسائلِ الوقايةِ في المناطقِ المُعرَّضةِ للكوارثِ الطبيعيَّة، حِفاظًا على الأرواحِ والمُقدَّرات.
نسألُ اللهَ تعالى أنْ يرحمَ الضحايا، ويشفيَ الجرحى، ويُسلِّمَ السودانَ وأهلَه من كلِّ سوء، إنَّهُ أرحمُ الرَّاحمين.
صادر عن الهيئة العليا لرابطة علماء المسلمين .