الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيِّدِنا محمدٍ، وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، وبعدُ:
فإنَّ رابطةَ علماءِ المُسلمين، وهي تتابعُ بقلقٍ بالغٍ ما جرى من التوتُّرَ المتصاعدَ بين جمهوريةِ باكستان والإمارةِ الإسلاميةِ أفغانستان الشقيقتين، وما يمكن أن يترتَّبَ عليه من تهديدٍ لأمنِ البلدينِ المسلمينِ، وزيادةٍ في معاناةِ الشعوب، خاصَّةً في ظلِّ الظروفِ الاقتصاديةِ والإنسانيةِ الصعبةِ التي تمرُّ بها المنطقة؛ فإنها:
١- تدعو القيادتينِ السياسيتينِ في البلدينِ إلى المحافظة على وقف القتال المتفق بين البلدين وإقامة علاقات بينهما تقوم على أساس احترام الجوار وفق مبادئ الشرعية الاسلامية والنأي بالبلدين المسلمين عن التصعيدِ العسكريِّ والإعلاميِّ، واللجوءِ إلى الحوارِ والتفاهمِ تحتَ مظلَّةٍ من الحكمةِ، وصيانةً لما تبقَّى من الأخوَّةِ الإسلاميةِ، والتاريخِ المشتركِ، والدماءِ المتداخلةِ.
٢- تُؤكِّدُ الرابطةُ أنَّ العدوَّ الحقيقيَّ للأمةِ الإسلاميةِ ليس في حدودها الجغرافية، بل في أعدائِها المتربِّصينَ بها، وفي مقدِّمتهم الكيانُ الصهيونيُّ المحتلُّ، وقوى الظلمِ والاستكبارِ العالميِّ، التي تتربَّصُ بأمنِ الأمةِ ووحدتِها، وتستثمرُ في الخلافاتِ بين أبنائِها.
٣- وتُناشِدُ الرابطةُ علماءَ البلدينِ، ووجهاءَ القبائلِ، والمؤسساتِ الدعويةَ والعلمائيةَ في كابل وإسلام آباد، أن يقوموا بواجبِ النُّصحِ والتقريبِ والإصلاحِ، والحيلولةِ دونَ جرِّ الشعوبِ إلى أتونِ صراعٍ لا رابحَ فيه.
٤- وتُذكِّرُ الرابطةُ بقولِ اللهِ تعالى:﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾ [الحُجُرات: ٩].
وبحديثِ جَرِيرِ بن عبد الله البَجَلِيِّ رضي الله عنه، قال: قال لي النبيُّ ﷺ في حَجَّةِ الوداع:«استنصِتِ الناسَ»، ثم قال: «لا تَرجِعوا بعدي كفَّارًا يَضربُ بعضُكم رقابَ بعضٍ»(رواه البخاريُّ ومسلم).
٥- تشكرُ الرابطة دولة قطر ، للوساطة الناجحة لإيقاف الإقتتال، وتدعو منظَّمةَ التعاونِ الإسلاميِّ إلى القيامِ بدورٍ فاعلٍ في الوساطةِ بين حكومتَي باكستان وأفغانستان، مستثمرةً مكانتَها وموقعَها الجامع، في رأبِ الصدعِ، وتقريبِ وجهاتِ النظرِ، وتثبيتِ السِّلمِ بين بلاد المسلمين، انطلاقًا من مسؤوليَّتها التاريخية والدينية تجاه قضايا الأمة وأمنها الجماعي.
أخيرًا ..
تدعو رابطةُ علماء المسلمين الأمَّةَ الإسلاميةَ كلَّها أن ترفعَ صوتَها بالدعاءِ والعملِ لحقنِ الدماءِ، وتدعمَ جهودَ الوساطةِ، وتُحسنَ الظنَّ بإخوانِها، وألَّا تكونَ معولًا في إذكاءِ نارِ الفتنةِ.
نسألُ اللهَ أن يُؤلِّفَ بين قلوبِ المسلمين، وأن يُجَنِّبَ بلادَهم الفتنَ ما ظهرَ منها وما بطن، وأن يكتبَ السلامةَ والرَّشادَ لباكستان وأفغانستان، وأن يُهَيِّئَ لهما من أمرِهِما رَشَدًا.