*الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :-

فقد تابعت رابطة علماء المسلمين بقلق بالغ التصريحات الأخيرة لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التي أعرب فيها عن “ارتباطه العميق” برؤية “إسرائيل الكبرى” الممتدة من النيل إلى الفرات، واصفًا ذلك بـ”المهمة التاريخية والروحية”.

إن هذه التصريحات تمثل تصعيدًا خطيرًا في الخطاب التوسعي الصهيوني، وتهديدًا مباشرًا لسيادة البلاد الإسلامية، وانتهاكًا صارخًا لما يدعونه من القانون الدولي- إن كان ثمة قانون- وميثاق الأمم المتحدة – إن كان ثمة من ميثاق .
وإنّ هذا الخطاب العدواني ليس هو الأول من نوعه، فقد صدر مثله بصراحة فجة على ألسنة كثير من قادة الكيان الصهيوني، فيصدق عليهم قول الله تعالى :﴿ قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَاۤءُ مِنۡ أَفۡوَ ٰ⁠هِهِمۡ وَمَا تُخۡفِی صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ قَدۡ بَیَّنَّا لَكُمُ ٱلۡـَٔایَـٰتِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ﴾ .
وتعليقاً على هذا التصريح العدواني فإنّ رابطة علماء المسلمين تبين ما يلي :

*أولًا: أنّ التوصيف الشرعي لأرض فلسطين، بما فيها القدس الشريف، أنّها أرض إسلامية لا يجوز التنازل عنها أو التفريط فيها، وهي ملك للمسلمين إلى يوم الدين.
ثانياً : أنَّ ما يُروّج له الاحتلال من “وعد ديني” بأرض الميعاد هو ادعاء باطل لا سند له في الشرائع السماوية، وأمّا ما ورد من الوعدِ لموسى عليه السَّلامُ ومن تبعه بالأرض المقدسة، فإنّما كان وعداً لأهل الإسلام في زمانهم، وقد أبى أكثر اليهود حينها امتثال أمر الله فحرمها عليهم وعاقبهم بالتيه في الأرض أربعين سنة، وهذه الأمّةُ هي الوارثةُ، فنحن أحقّ بموسى عليه السَّلامُ ، من قومٍ قتلوا الأنبياء، وحرفوا تعاليمهم ، بل هذه الأمّةُ هي الوارثة للأرض كلّها إذا كانوا عابدين لله حقاً، ومستمسكين بالإسلام صدقاً، كما قال الله تعالى في آخر سورة ” الأنبياء” : ﴿وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِی ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ یَرِثُهَا عِبَادِیَ ٱلصَّـٰلِحُونَ * إِنَّ فِی هَـٰذَا لَبَلَـٰغࣰا لِّقَوۡمٍ عَـٰبِدِینَ١٠٦﴾.
ولهذا فإن ما يزعمه الصهاينة من الوعد المكذوب ما هو إلّا تحريفٌ للتاريخ، وادِّعاءٌ لتخرُّصات باسم الدين، لتحقيق أهداف استعمارية.

*ثالثاً: أنّ هذه العربدة الصهيونية، والتصريح بالتوسع الاستيطاني، ليس له من حلٍّ إلّا بإنفاذ أمر الله تعالى بالجهاد في سبيله، من قبل كافة البلاد الإسلامية، كما قال الله تعالى :﴿وَمَا لَكُمۡ لَا تُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِینَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَاۤءِ وَٱلۡوِلۡدَ ٰ⁠نِ ٱلَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَاۤ أَخۡرِجۡنَا مِنۡ هَـٰذِهِ ٱلۡقَرۡیَةِ ٱلظَّالِمِ أَهۡلُهَا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِیࣰّا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِیرًا﴾ [النساء ٧٥].
أمّا الاكتفاء بالشجب والإدانة، لجميع أشكال السياسات الاستيطانية التي ينتهجها الاحتلال في الضفة الغربية والقدس وغزة، والتي تُعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الشعب الفلسطيني ، فما باتت تلك الخطابات تغني من الذل الذي وصلت إليه أمًّةُ الإسلام أمام عصابات الصهاينة المجرمين .
روى أبو داود عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ : ( مَنْ لَمْ يَغْزُ ، أَوْ يُجَهِّزْ غَازِيًا ، أَوْ يَخْلُفْ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ ، أَصَابَهُ اللَّهُ بِقَارِعَةٍ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ).
رابعاً : وعليه فإنّ رابطة علماء المسلمين تدعو الحكومات والمنظمات الإسلامية والعربية إلى اتخاذ مواقف حازمة ضد هذه التصريحات، يتجاوز مجرد خطابات التنديد إلى العمل الجاد على فضح المخططات الصهيونية التوسعية أمام شعوب العالم والتحرك الفوري نحو مواجهة ذلك العدوان .
خامساة : أنّ البرهان الحق على صدق مواقف الدول المندِّدةِ يبدأ أولاً بفك الحصار المميت عن أهل غزة بفتح المعابر وإدخال المساعدات، وحماية أهل غزة من الإبادة والتجويع ، والتهجير القسري مع التَشديد على ضرورة دعم صمود الشعب الفلسطيني، وتقديم جميع أنواع الدعم السياسي والاقتصادي والإعلامي له، وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال.
سادساً: تُهيب الرابطة بجميع العلماء والدعاة والخطباء في العالم الإسلامي توعية الأمة بخطورة هذه التصريحات، وبيان الموقف الشرعي منها، وتحفيز الشعوب على نصرة القضية الفلسطينية بكل الوسائل المشروعة.
سابعاً: أنَّ هذا الخطاب التصعيدي الصهيوني الواضح والسلوك العدواني المشهود لهذا الكيان الغاصب يُحتم على حكومات المسلمين السعي الحثيث لتنسيق المواقف فيما بينها وإعداد العدة لمواجهة كل الاحتمالات وحماية البلدان واستعادة كل شبر في أرض الفلسطين، واستلهام أمجاد قادة المسلمين الأوائل الذين سطروا أروع الأمثلة في الدفاع عن الحقوق وإقامة العدل ونشر الخير والسلام .

وأخيراً تؤكد الرابطة على أنَّ الدفاع عن فلسطين ومقدساتها هو واجب شرعي على كل مسلم، وأن السكوت عن هذه الانتهاكات يُعد تقصيرًا في أداء الأمانة،قال رسول الله ﷺ : “ما من امرئٍ مُسلمٍ يخذُلُ امرأً مسلمًا في موضعٍ تُنتَهكُ فيه حرمتُه، ويُنتقَصُ فيه من عِرضِه إلَّا خذله اللهُ في موطنٍ يُحِبُّ فيه نُصرتَه وما من امرئٍ مُسلمٍ ينصُرُ مسلمًا في موضعٍ يُنتَقصُ فيه من عِرضِه، ويُنتهَكُ فيه من حُرمتِه إلَّا نصره اللهُ في موطنٍ يُحبُّ فيه نُصرتَه”رواه البخاري.
والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.

الهيئة العليا لرابطة علماءالمسلمين
٢٠ صفر ١٤٤٧هـ
١٤ أغسطس ٢٠٢٥م

اترك تعليق

نشرتنا البريدية

إشترك معنا لكي يصلك كل جديد

التواصل الاجتماعي

بيانات التواصل

905539590432+
rabitah.maktab@gmail.com
رابطة علماء المسلمين

© جميع الحقوق محفوظة لدي رابطة علماء المسلمين 2023 برمجة أنيما ويب