الأحد ، 11 ذو القعدة ، 1445
section banner

بيان العلماء بشأن تكليف "العيسى" إمامًا وخطيبًا ليوم عرفة

بيان العلماء بشأن تكليف "العيسى" إمامًا وخطيبًا ليوم عرفة

بيان رقم ( 170 )

بيان العلماء بشأن تكليف "العيسى" إمامًا وخطيبًا ليوم عرفة

الحمد لله ربّ العالمين، الذي اصطفانا بأعظم كتاب أُنزل، وشرفنا بخير نبي أرسل، وأكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام دينًا؛ فقال: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران: 85]، والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، السراج المنير، من بُعِث بينَ يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، مَن رفع اللهُ به لواءَ التوحيد، وقمعَ به الشركَ، ونسخ بشريعته ودينه الشرائع، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وعلى المقتفين آثارهم والمستمسكين بنهجهم إلى يوم الدين أما بعد:

فإن من نافلة القول التذكير بفضل يوم عرفة، والأمر كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم:"الحج عرفة".

فهو يوم من أيام الله، سُنَّ للحجاجِ فيه أَن يُصلُّوا الظهرَ والعصرَ جمعًا وقصرًا، يتقدمهم منذ أن فُرض الحجُّ إمامٌ من أئمة الدين والعلم، والمنهج القويم والمعتقد السليم، يخطب فيهم بجوامع الكلم، يذكرهم بنعمة الله عليهم وفضله المسوق إليهم، ويرغبهم في رحمته، ويخوفهم سطوته، يظهر لهم محاسن دينهم، يجمع بالتوحيد شملهم، ويوحد عليه كلمتهم، يحذرهم عدوهم، وينبههم إلى ثغورهم، فلا يؤتينّ الإسلام من قبلهم، كان هذا الدأب على مَرِّ القرون حتى جاء هذا العام فمُنح فيه شرف التكليفِ لمن لا ترضى سيرته، ولا تحمد مسيرته، فمنذ أن تولى رابطة العالم الاسلامي ولا وجهة له إلا إلى غير المسلمين، حتى انحرفت رسالة الرابطة في عهده، وتسيست أنشطتها، فلا همّ لها سوى خدمة أهداف سياسية، ومشاركة في فتنة الإبراهيمية، التي يسعى أربابها في موالاة من حادَّ الله ورسوله، وإيذاء وإقصاء الذين يأمرون بالقِسط من الناس، يحاربون الخير والفضيلة، وينشرون الشر والرذيلة، احتفاءً بملَّة الكُفر وتعظيمًا لرموز الباطل، فاختلطت في مساعيهم شعائر الإسلام بالكُفر والإِلحاد، ونداء التوحيد بأصوات أجراس الكنائس، ومنسوخ الأديان مع الدِّين الحقِّ الذي لا يقبلُ الله دينًا سواه، ولا يسع مَنْ سمع به إلا الدخول في عقده، والخُضوع لحُكمه.

إِنه لَمن أَعجب ما يراه المسلم في هذا الزمان أن يؤتمن على يوم عرفة ومنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ليس أهلًا لذلك؛ فيتفرَّق جمع المسلمين وتدخلُ الأمة في جدلٍ يزيدُ مِنْ تَفرُّقها وانقسامِها.

إن لهذا الرجل الذي اشتهر بعداوته للصالحين، ومودَّته لكلِّ من يُعلِن العداءَ للإسلام والمسلمين مواقف منها:

- أنه ينقل مشروع تمييع الإسلام من النظرية إلى التطبيق.

- يقول بوجوب احترام المسلمين للقوانين الفرنسية الملزمة لهم بترك الحجاب وإلا فليغادروا..

- المستضيف سادجورو الهندوسي صاحب الموقف المعادي للإسلام .

- القائل: "التعاون بين الأديان ليس مجرد مسعى رمزي". "يجب أن تتحقق من خلال عمل العالم الحقيقي."

- الذي قام بزيارة لليهود بمعسكر أوسفيتش القديم، قائلًا: (وقفت دائمًا مع إخواني اليهود، وقلت لن يحصل هذا مطلقًا مرة أخرى). وغيرها كثير!

وإنَّ كُلَّ طامَّة من تلك الطَّوامِّ التي أتى بها الأمين العام للرابطة لتدعو إلى الإنكار عليه لا إلى تكريمه وتقديمه!

إن رابطة علماء المسلمين وهي تستنكر هذا التكليف تبين الآتي:

- الإسلام رسالة كل الأنبياء وقد بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم مُصدِّقًا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه، وهو القائل عليه الصلاة والسلام : (والَّذي نفسي بيدِه لا يسمعُ بي رجلٌ من هذه الأُمَّةِ، يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ ثمَّ يموت ولم يؤمن بما جئت به إلّا كان من أَهلِ النّارِ) رواه مسلم.

- تدعو رابطة علماء المسلمين المسؤولينَ عن الحج إلى مراجعة هذا التكليف، وتذكرهم بحُرمة الزمان والمكان، كما تُذكِّرهم بِعظم الأمانة، وأنها يوم القيامة خِزيٌ وندامةٌ، إلا من أخذها بحقِّها وأَدَّى الذي عليه فيها، وتُذكرهم بقول الله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الأنفال: 27]، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا ضُيِّعَتِ الأمانَةُ فانْتَظِرِ السّاعَةَ قالَ: كيفَ إضاعَتُها يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: إذا أُسْنِدَ الأمْرُ إلى غيرِ أهْلِهِ فانْتَظِرِ السّاعَةَ". البخاري 6496، وقوله صلى الله عليه وسلم : "مَنِ استَعمَلَ رجلًا على عِصابَةٍ، وفي تلك العِصابَةِ مَن هو أرضى للهِ منه، فقد خان اللهَ تعالى ورسولَه، وجماعةَ المُسلِمينَ" المستدرك 13176.

- تؤكد رابطة علماء المسلمين رفضها لمسار رابطة العالم الإسلامي في هذا العهد، إنكارًا لما يمثله خطيب عرفة من توجهات مرفوضة، وحِفظًا للدين وصيانة لشعيرة الحج وقدسيتها، وتنزيها لها عن تسييس يسيء إلى مكانتها.

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل، وصلى الله وسلم وبارك على رسولنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

بيان صادر عن

الهيئة العليا لرابطة علماء المسلمين

الخميس 8 / ذي الحجة / 1443هـ

الموافق 7 / يوليو / 2022م