الخميس ، 19 جمادى الأول ، 1446
section banner

فتوى شرعية حول الجهاد والمجاهدين في فلسطين

فتوى شرعية  حول الجهاد والمجاهدين في فلسطين
بسم الله الرحمن الرحيم
فتوى شرعية
حول الجهاد والمجاهدين في فلسطين
الحمد لله القائل في محكم كتابه: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمۡ ظُلِمُواْۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصۡرِهِمۡ لَقَدِير﴾ [الحج: 39]
والقائل: ﴿ وَمَا لَكُمۡ لَا تُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا مِنۡ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلظَّالِمِ أَهۡلُهَا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّٗا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ٧٥ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱلطَّٰغُوتِ فَقَٰتِلُوٓاْ أَوۡلِيَآءَ ٱلشَّيۡطَٰنِۖ إِنَّ كَيۡدَ ٱلشَّيۡطَٰنِ كَانَ ضَعِيفًا ٧٦﴾ [النساء: 75-76].
والصلاة والسلام على رسول الله القائل: (لا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِن أُمَّتي يُقَاتِلُونَ علَى أَمْرِ اللهِ، قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خَالَفَهُمْ، حتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ علَى ذلك) [رواه مسلم].
وبعد:
فقياما بما أمر الله تعالى به من الصدع بالحق وبيانِه، وحذَرًا مما نهى عنه من تحريفِه وكتمانِه..
وخلافةً للرسول صلى الله عليه وسلم في القيام بفريضةِ ﴿وَحَرِّضِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأۡسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ ﴾ [النساء: 84]..
وردا على من يشكك في شرعية الجهاد والمجاهدين في فلسطين..
قياما بكل ذلك؛ فإننا نحن الموقعين على هذه الفتوى، وانطلاقا من نصوص الكتاب والسنة، وما أفتى به العلماءُ والأيِمَّة، من سلَفِ وخلَفِ هذه الأمة، نؤكد على ما يلي:
أولا: أن الجهاد ضد الصهاينة المحتلين، والغزاةِ المعتدين على حرمات المسجد الأقصى وفلسطين، فرضٌ من آكَدِ فروضِ وواجبات الدين، ولا خلاف في ذلك بين علماء المسلمين.
قال تعالى: ﴿وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ﴾ [البقرة: 190]
والقائل: ﴿ وَمَا لَكُمۡ لَا تُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا مِنۡ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلظَّالِمِ أَهۡلُهَا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّٗا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ٧٥ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱلطَّٰغُوتِ فَقَٰتِلُوٓاْ أَوۡلِيَآءَ ٱلشَّيۡطَٰنِۖ إِنَّ كَيۡدَ ٱلشَّيۡطَٰنِ كَانَ ضَعِيفًا ٧٦﴾ [النساء 75-76].
والإجماع منعقِدٌ على تَعيُّنِ الجهاد في حالات، منها نزول العدو بأي بلد من بلاد الإسلام، فكيف إذا كان هذا البلدُ هو المسجد الأقصى، مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين؟
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"وأما قتالُ الدفع، فهو أشدُّ أنواعِ دفعِ الصائلِ عن الحرمةِ والدين؛ فواجبٌ إجماعًا.
فالعدوُّ الصائلُ الذي يُفسدُ الدينَ والدنيا لا شيءَ أوجب بعدَ الإيمان من دفعِه، فلا يُشترطُ له شرط، بل يُدفعُ بحسبِ الإمكان" (الفتاوى الكبرى 5/ 538).
ولا عدوَّ أشد عداوةً من الصهاينة المحتلين، وأوليائهم من الكفار والمشركين:
﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَٰوَةٗ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ﴾ [المائدة: 82].
وهذه نقول من كلام العلماء الصريحة في ذلك.
1- فقهاء الحنفية:
قال ابن عابدين رحمه الله: "وفرض عين (أي الجهاد) إن هجم العدو على ثغر من ثغور الإسلام فيصير فرض عين على من قرب منه، فأما من وراءهم ببعد من العدو فهو فرض كفاية إذا لم يحتج إليهم، فإن احتيج إليهم بأن عجز من كان بقرب العدو عن المقاومة مع العدو، أو لم يعجزوا عنها، ولكنهم تكاسلوا، ولم يجاهدوا، فإنه يفترض على من يليهم فرض عين كالصلاة والصوم لا يسعهم تركه، وثم وثم إلى أن يفترض على جميع أهل الإسلام شرقا وغربا على هذا التدريج." (حاشية ابن عابدين على الدر المختار(3/ 238)
2- فقهاء المالكية:
جاء في حاشية الدسوقي على شرح الدردير لمختصر خليل: "ويتعين الجهاد بفجء العدو)، قال الدسوقي: (أي توجه الدفع (بفجئ) مفاجأة على كل أحد، وإن امرأة، أو عبدا، أو صبيا، ويخرجون ولو منعهم الولي والزوج ورب الدين" (حاشية الدسوقي (2/ 174)
3- فقهاء الشافعية:
جاء في نهاية المحتاج للرملي شرح المنهاج للنووي: "فإن دخلوا (أي الكفار) بلدة لنا، وصار بيننا وبينهم دون مسافة القصر، فيلزم أهلها الدفع حتى من لا جهاد عليهم من فقير وولد وعبد ومدين وامرأة) (نهاية المحتاج (8/ 58)
4- فقهاء الحنابلة:
قال ابن قدامة في المغني: "ويتعين الجهاد في ثلاثة مواضع:
1) إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان.
2) إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم.
3) إذا استنفر الإمام قوما لزمهم النفير" (المغني (8/ 345).
ثانيا: أن المجاهدين في فلسطين اليوم، وفي مقدمتهم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وبقية الفصائل المجاهدة، هم من خيرة المجاهدين على ظهر الأرض، المدافعين عن المقدسات، الذابِّينَ عن العرض والحرمات.
ولا يَشكُّك في ذلك إلا جاهل، أو جاحد!
وأكثر من يصفون جهادهم ب (الإرهاب) أو يصفونهم ب (الإرهابيين) هم قادة، وسادة، ورعاة، وحلفاء الإرهاب الذي يقتل النساء، والأطفال، والشيوخ، ويهدم المساجد والمستشفيات، ويفرض الحصار على المدنيين، ويمنعهم من حبة الدواء، ولقمة الغذاء، وجرعة الماء!!
ثالثا: أن التشكيك في مشروعية هذا الجهاد، والطعنَ في هؤلاء المجاهدين، هو تَثبِيطٌ من المبَطِّئِين، وتخذيلٌ من المرجِفِين، ولا يجوز سماعُه، ولا نشرُه بين المسلمين!
رابعا: أن واجب الوقت على الأمةِ كلِّها اليومَ هو مناصرةُ ومؤازرةُ الجهاد والمجاهدين في فلسطين، كلٌّ من موقعِه، وبما يستطيع..
وقد تأكد الأمرُ بعد إعلان دولِ الكفرِ الكبرى اصطفافَها مع العدو، ومساندتَها له ماديا، ومعنويا، بالسياسة، والمال، والسلاح، والمعلومات.. وبعد استنصار واستنفار إخواننا في غزةَ للأمة، وبعد المجازر الجماعية التي يرتكبها العدو على مدار الساعة في حق أهلنا المحاصَرين هناك، والتي ليس آخرها مجزرة المستشفى المعمدانيِّ في غزة.
﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٍۚ إِلَّا تَفۡعَلُوهُ تَكُن فِتۡنَةٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَفَسَادٞ كَبِير﴾ [الأنفال: 73].
والمناصرة تكون من الدول والحكومات بالدعم المادي، والمعنوي، والسياسي، والدبلوماسي.
وتكون من الرجال، والنساء، والشباب، والشيوخ، والجماعات الإسلامية، والأحزاب السياسية، والجمعيات الحقوقية، والنقابات المهنية، والطلابية، ومن أصحاب الأقلام، والمنابر، والإعلام....الخ، كل بحسب قدرته، وموقعه.. بالنفس، والمال، والدعاء، والكلمة، والصورة، والوقفة، والمسيرة، والمظاهرة، والمقاطعة، وغير ذلك..
وتكون قبلَ كلِّ ذلك وبعدَه برجوعنا إلى الله عبادًا حقا، متَّصِفِين بصفات العبودية الحقيقية التي يستحق أهلُها نصرَ الله عز وجل.
﴿إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقۡتُلُونَ وَيُقۡتَلُونَۖ وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّٗا فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ وَٱلۡقُرۡءَانِۚ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِۚ فَٱسۡتَبۡشِرُواْ بِبَيۡعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعۡتُم بِهِۦۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ * التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: 111-112]
﴿كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغۡلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِيٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ﴾ [المجادلة: 21]
﴿وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَعۡلَمُونَ﴾ [المنافقون: 8]
بتاريخ: 5 ربيع الثاني 1445هـ
الموافق 20 أكتوبر 2023م