طوفان الأقصى... القنبلة الإعلامية العالمية
-
المتظاهرون في داغستان يقتحمون المطار لمنع دخول ركاب طائرة قادمة من تل أبيب.
-
المتظاهرون في إيطاليا ينزعون علم الكيان الصهيوني من فوق مبنى تابع للأمم المتحدة.
البرلمان الايرلندي يحفل بأصوات داعمة لغزة منددة بالعدوان الوحشي الصهيوني.
-
وزيرة إسبانية تدعو أوروبا إلى عدم الاشتراك في العدوان والنأي ببلادها عن الموقف الأوروبي من هذه الجرائم.
نقابات عمالية تدعو إلى الاضراب في بريطانيا احتجاجاً على المجازر المرتكبة في غزة، وموقف بريطانيا منها، نشطاء، حركات طلابية تواصل الدعوة لمزيد من الاحتجاجات. "عدد مرعب"، يصف به الأكاديمي المصري المعارض في ألمانيا د. تقادم الخطيب، "الأكاديميين الذين تم فصلهم أو إيقافهم عن العمل، من بينهم أساتذة كبار تم الإطاحة والتنكيل بهم، لمجرد رفضهم للمجازر"، اضطهاد كبير، لكنه معبر عن حجم الرفض داخل أروقة الجامعات ومعاهد البحث العلمي في ألمانيا، إحدى أكبر وأبرز الدول الأوروبية.
4) مظاهرات بمئات الآلاف في كبريات المدن البريطانية لاسيما لندن ومانشستر، وبالآلاف في فرنسا، وإيطاليا، والولايات المتحدة، وفي أمريكا تحديداً تنامي مظاهرات اليهود المناهضين للصهيونية واقتحامهم للكونغرس.. وقوات الشرطة يزداد جنونها مطلقة كلابها لاعتقال مرتديي الكوفية الفلسطينية، وملاعب الكرة تعج بالهتافات والأعلام الفلسطينية.. وفي العالم العربي بالآلاف في المغرب واليمن والعراق وسوريا.. وبمئات الآلاف في الهند.. إلى غير ذلك.
5) هزيمة مدوية لعدد من كبريات القنوات الغربية، وفضائح متوالية للبرامج الحوارية التي تستضيف مناصرين لغزة، كمثل برنامج موريس ميرغان أمام عدد من الضيوف.. ووسائل التواصل الاجتماعي الموجهة لم تتمكن من إيقاف طوفان مناهض للصهيونية يتنامى في العالم، مقاطعات عديدة لمؤتمرات كبار المسؤولين الأمريكيين وإفاداتهم في المؤسسات الرسمية المحلية من نشطاء يلطخون أيديهم بألوان الدم وينددون بالسياسة الأمريكية المساندة لـ"إسرائيل". بلبلة واستقالات وتمردات داخل وزارة الخارجية الأمريكية احتجاجا على نهج بايدن في التعامل مع حرب غزة. طبقاً لاعتراف وزير الخارجية الأمريكي اليهودي بلينكن.
الأصوات الرافضة لاستمرار المجازر تتزايد، لكن لا يمكن بسهولة رصد مدى انتشارها أو تأثيرها، لاسيما أن الاستراتيجيات الغربية ثابتة فيما يخص "إسرائيل"، أو لنكن دقيقين، هي تتغير لكن ببطء شديد، وقد يكون ما يقوله المفكر الكويتي الشهير د. عبد الله النفيسي صحيحاً: إن "السردية الغربية في مناصرة الكيان الصهيوني أصيبت في مقتل"، أو أنها قد تضررت كثيراً بالفعل ولم تقتل بعد، فمن بين العديد من ممارسات التضييق والحجب والعرقلة، أمكن لكثير أن يبثوا روايات حقيقية مضادة لما يبثه الصهاينة وخدامهم في العالم، ووصل الصوت، واخترق حجباً كثيفة وضعتها الدعاية الصهيوغربية.
الكثير من الشواهد على تلك القنبلة الإعلامية التي انفجرت في وجوه المتعصبين الغربيين، وفي وجه "إسرائيل"، وتشكل رأي عام دولي مضاد للروايات الصهيونية التي كثيراً ما كانت مصدقة وموضع ثقة الشعوب الغربية.
معلوم أنه في لحظات فاصلة لا يأبه الساسة الغربيون كثيراً بآراء شرائح معارضة لهم، لكن حينما تتنامى هذه القطاعات الرافضة؛ فإن إهمالها يصبح مهمة شاقة لصناع القرار.
حسناً، لكن ما مدى تأثير الروايات العربية، وإعادة القضية إلى جوهرها كدولة محتلة ظالمة مجرمة، وشعب يقاومها، ويستمسك بثوابته وقيمه، حد تحمل أقسى درجات الظلم والإجرام الصهيوني؟ كما تقدم، يصعب رصد ذلك بشكل دقيق، غير أنه من حسن القدر أنه قد توفرت دراسة قيمة جداً قامت بها "مكانة 360" بالتعاون مع "معهد السياسة والمجتمع"، قد نجحت في تجلية الكثير من المبهمات التي أحاطت بقضية التعاطي الإعلامي الرسمي والشعبي لقضية غزة، ومدى تأثير روايات أهل الحق وشواهدهم، عبر دراسة "الحرب الأخيرة على غزة: حرب الروايات على وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام الرقمي"، نختصر هنا أبرز ما فيه، وأكثره أهمية للإعلام والدعوة:
كان تويتر (X) المنصة الرئيسية للحوار والتفاعل وحيث أن 96.5% من الحوارات و76% من التفاعل كانت عليه، تلاه تيك توك بنسبة 10.5%. وهذا يفسر المحددات التي تضعها المنصات الأخرى (ميتا؛ فيسبوك..الخ)، حيث أعلنت ميتا عن إلغائها لمليون و600 ألف منشور متعلق بحماس.
• يشير تفضيل استخدام إنستغرام لإشراك الجمهور إلى أن شريحة ديموغرافية أصغر سنًا تشارك بنشاط في الخطاب.
• 27% من الحوارات قادمة من الولايات المتحدة، تليها الهند بنسبة 7.4% والسعودية بنسبة 5.6%، ويلاحظ أنه اكتشف أن لجاناً إلكترونية كثيرة انطلقت من الهند تحديداً لتأييد الروايات "الإسرائيلية" والتسويق لها.
• من حيث اللغات، هيمنت اللغة الإنجليزية على المشهد بنسبة قاربت 54%، تليها العربية 12.6%
• الرواية العربية بدأت مع الأسبوع الثاني بمعادلة المشهد في أوروبا وأميركا
• منصات التحقق من الأخبار كشفت أن كل الأخبار المزيفة والمضخمة داعمة للرواية "الإسرائيلية".
• المشاعر المنتشرة في الحوارات كانت في معظم الأحوال تتمحور حول الغضب والحزن. ومع ذلك، أظهرت المناطق الأفريقية والآسيوية مزيدًا من المشاعر المتعلقة بالحب والدعم للفلسطينيين.
• أكثر من 45% من المحادثات تضمنت عناصر مرئية مثل الصور ومقاطع الفيديو، والتي تعادلت بين داعمة للرواية الإسرائيلية والفلسطينية خصوصاً بعد مساهمات كبيرة لصالح الرواية الفلسطينية قدمها قادة رأي وسياسيون وإعلاميون بموازاة مجزرة المعمداني في الأسبوع الثاني التي لم يصدق العالم فيها الكذب والتزييف "الإسرائيلي" حيالها. ويشير تقدم المحتوى المرئي بصورة كبيرة في الأسبوع الأخير إلى ميل الجمهور للتفاعل البصري أكثر من النصي.
• ساهم 66% من الذكور في الحوارات عالمياً وانحصرت حصة الإناث في 34% فقط. وجاءت فئة الشباب (18 وحتى 35) بالحصة الأكبر من التفاعل بواقع 80% منها.
• تأثير قصف المستشفى المعمداني (ومن ثم المجازر التي تلته لاحقاً): يلاحظ تحول طرأ من بعده، فقد كان 7 من بين أول 8 حسابات متفاعلة مع الأحداث دعمت الرواية
الفلسطينية بعد أن كان فقط 4 في ذيل أول 8 يدعمونها في الأسبوع الأول.
منهم:
كما كان لمقابلة باسم يوسف الإعلامي المصري مع بيريس مورغان، الأثر الأكبر عالمياً ما جعل الرواية المضادة لإسرائيل تتقدم في ظرف 48 ساعة فقط على صعيد اللغة الإنجليزية والمحتوى البصري.
وصنعت مداخلات السفير الفلسطيني في لندن حسام زملط جدلاً كبيراً في الرأي العام الغربي، حيث ولّدت 217 ألف حوار نتج عنها 1.2 مليون مشاركة، داعمة للرواية الفلسطينية بل واعتبرها الكثيرون "إحراجاً" للمجتمع الدولي والإعلام الغربي، ما يشير إلى أهمية المداخلات باللغة الإنجليزية عبر المنصات الإعلامية العالمية التي تخاطب المجتمع الدولي. في حين كان أبرز مصدر للنقاشات الولايات المتحدة الأميركية وباللغة الإنجليزية.
منشورات التي كان فيها رواية للسفير حسام كانت تنتشر لعدة أيام يبقى التفاعل معها وهذا سببه هو قوة الرواية وحجتها، وكانت طبيعة الحوار للسفير الفلسطيني حول محاججته للإعلام الغربي حول تغطيتهم المتحيزة.
أما حول وسائل الإعلام الأكثر تأثيراً وتفاعلاً؛ فكانت:
كانت وسائل الإعلام الناطقة بالإنجليزية أكثرها، وعلى رأسها بي بي سي.
انتهت تلك الدراسة، وقد كشفت هي، وما سبقها من ملاحظات تقدمتها، عن حقائق ينبغي الالتفات بها والعناية بما ينجم عنها من استنتاجات، منها (على سبيل الإشارة والاختصار):
أن تأثير القضية الفلسطينية لم يزل جوهرياً في العالم، لم يغادر مكانه، لا بين الغرب، ولا بين المسلمين أنفسهم، وأن لا بديل لهذه القضية يمكن أن يستحوذ على اهتمام العالم مثلها.
وأن المعركة الإعلامية التي تتخذ منها نموذجاً لمقارعة العدو، وإلجامه الحجة، وتغيير الصورة النمطية عن قضايا المسلمين، هي من الأهمية بمكان، ولها ينبغي أن تتوجه لها الجهود والأنظار.
أن هذه الأمة لم تزل حية، ولديها طاقات، كثيراً ما يخفق أقل الرأي فيها والمؤثرون بها في توجيهها بالاتجاه الذي يجيش الأمة لحمل قضية والذود عنها.
أن ثمة حملات دعائية فكرية واقتصادية واجتماعية يمكنها أن تحدث أثراً عالي التردد والانتشار، ولدينا في دحض روايات الإعلام الصهيوني والمتصهين حول ما جرى في غزة، سواء يوم 7 أكتوبر، وما ألصقت به من أكاذيب، كثيراً ما وضعت ساسة وإعلاميين في حرج بالغ، واضطرتهم أحياناً للاعتذار والنفي والتبرؤ مما جنوه بحق المسلمين من افتراءات، ولدينا في حملات المقاطعة الناجحة، واجتهاد آحاد الشباب من غير المؤثرين من الذين نجحوا في إيصال أفكارهم للمؤثرين، وغير ذلك من المشاهدات العديدة، أمثلة لنجاح كثير من الحملات في مختلف مناحي النصرة.
أنه حين يجد المسلمون نماذج للفخر والعزة والكرامة؛ فإنهم يلتفون حولها ببرهم وفاجرهم، بعبادهم وعصاتهم، ما يتوجب أن يحمل المفكرين والدعاة على العناية بإبراز تلك النماذج من جهة، ومن الفصائل والقوى على العناية بنصاعة جهادهم وجهودهم، والتموضع دوماً حول مواضع الإجماع في القضايا المصيرية التي لا تختلف في تأييدها الجماهير.
....
أخيراً..
إنه إن كان أمكن في بعض الدراسات الاستقصائية والمشاهدات اليومية أن نبلور تصوراً حول مدى التأثير الإعلامي على جموع الناس، مسلمهم، وكافرهم؛ فإننا ندرك أيضاً أن ثمة تأثيراً لا يمكن تجاهله على صناع القرار، قد يلجئهم إلا تجرع مرارات الهزيمة نتيجة لضغوط شعبية مثلما حصل في فيتنام وغيرها، وقد لا يكون لدينا يقيناً حول قدرة الإعلام على التأثير في صناعة قرارات مصيرية كتلك، لها علاقة بمركز الاهتمام العالمي "إسرائيل"، الكيان الوظيفي المنزرع في خاصرة المسلمين بغية تمزيقهم وتدجينهم، لكن أيضاً لدينا قناعة بأن الضغط الإعلامي مؤثر، ولا يذهب دوماً هباءً منثوراً.