انتخابات الانقلاب العسكري بمصر
البيان رقم (39) |
|
الموضوع |
انتخابات الانقلاب العسكري بمصر |
التاريخ |
22 / 7 / 1435هـ 21 / 5 / 2014م |
الحمد لله رب العالمين , أَذِنَ بنصرة المظلومين، وتوعد الظالمين، وجعل الدولة والعاقبة للمتقين, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين..
أما بعد:
فإن رابطة علماء المسلمين لا يسعها -وقد تفاقمت الشرور، وادلهمت الخطوب بأرض مصر الكنانة- إلا أن تعلن عن الموقف الشرعي مما جرى ويجري؛ تأكيدا على الثوابت الشرعية في هذه القضية.. فنقول وبالله التوفيق :
أولاً: إن الخروج والانقلاب على حاكم شرعي منتخب هو عمل محرم شرعا, وقد نهى النبي ﷺ عن الخروج على الحاكم المسلم العدل, بل هو عمل مجرم قانونا وفقا للدساتير الأرضية والقوانين الوضعية , فلا الشريعة السماوية تبيحه، ولا القوانين الأرضية تسيغه!
ولا أدل على ذلك من كثرة البيانات الشرعية الصادرة باستنكاره من جهات علمية متعددة, وعدم اعتراف الدول الغربية والاتحاد الافريقي به.
ثانياً: إن سيرة الانقلاب الدموي مذ بدأ في شعبان عام 1434هـ / يوليو 2013م وإلى يوم الناس هذا؛ يكشف عن أمورٍ، من أخطرها استباحة الدماء والأعراض، ونهب الأموال و الممتلكات, واستباحة الحكم بالإعدام على الأبرياء, وتكميم الأفواه, ومصادرة الحريات، وإغلاق الفضائيات, مما يؤكد عودةً قبيحة للنظام البائد بكل فساده واستبداده , وإن شيئا مما خُدع به الناس من الشعارات في أول الأمر لا وجود له, وذاك من المكر الذي قال الله فيه {وَلا يَحِيْقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إلا بَأَهْلِه}[فاطر: 43]
ثالثاً: إن هذه الانتخابات المزمع عقدها بعد أيام إن كانت ستأتي بحاكم متغلب؛ فهو لا يحتاجها, إلا لإعطائها صبغة شرعية! وهذا من التضليل على الناس, والمشاركة فيها تعاون على الإثم والعدوان, وقد تواترت أدلة الشريعة المطهرة على حرمة التعاون على الإثم والعدوان, فالمشاركة ترشحا وترشيحا ودعما ؛ كل ذلك باطل لا صحة ولا جواز له , قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[المائدة 2].
وتهيب الرابطة بحكام الدول العربية والإسلامية عدم الاعتراف بهذا الانقلاب وما يترتب عليه من آثار .
رابعاً: إلى المبررين والمسوغين والمسارعين في هذا الانقلاب والمساندين له: يقول الله تعالى: {هَا أَنْتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا}[النساء 109] , ويقول سبحانه: {وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}[النساء105]، ويقول جل وعلا: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}[هود:113]
فمن أبى إلا الوقوف بجوار الظالم فليعمل بقول النبي ﷺ: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) فليعمل على منعه وحجزه عن الظلم، فإن عجز فلا يواله على ظلمه، وإلا دخل في حكمه.. قال تعالى: {وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام:129] , وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة:51]
خامساً: ترى الرابطة أن الموقف الشرعي الصحيح هو مقاطعة هذه الانتخابات, ومساندة المظلومين والوقوف معهم بحسب القدرة والإمكان، و {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286].
سادساً: إن المجتمع الدولي بمؤسساته المساندة للانقلاب يؤكد صورة سلبية عنه، ويعمق الهوة ويوسع الفجوة بينه وبين الشعوب العربية المسلمة، ويتعامل بازدواجية مكشوفة يتعذر معها مد جسور التواصل أو التعامل، وهو ما لا يتفقُ مع المصالح التي يزعم أنه يرعاها، والقيم التي يدعي أنه يتبناها.
سابعاً: تؤكد الرابطة حرمة الدماء وتنهى عن سفكها بغير حقها، وحرمةَ الأعراض من جميع المصريين وعدم جواز انتهاكها، وتنكر دعاوى وفتاوى المحرضين على قتل الثوار والأحرار.. كما ننصح إخواننا السلفيين -بصفة خاصة- الذين أفتوا بدعم هذه الانتخابات والمشاركة فيها أن يتقوا الله, فهذا مخالف لمنهج السلف الذي ينتسبون إليه, ونسأل الله أن يحقن الدماء المهراقة من الجانبين، ونذكّر الجميع بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لزوال الدنيا أهون على الله – عز وجل- من سفك دم مسلم بغير حق) [الترمذي والنسائي].
وأخيراً: على قادة المؤسسة العسكرية أن يعلموا أن الحق أصيل والباطل دخيل، والحق أحق أن يتبع، فلا يمنعن الخطأ الذي وقع من معاودة الحق والرجوع إليه، فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، والصلح خير.
رحم الله الشهداء، وشفى الله المصابين، وربط على قلوب المكلومين، وفك أسر المأسورين، وصلى الله وسلم وبارك على خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين...