الخميس ، 19 جمادى الأول ، 1446
section banner

بيان رابطة علماء المسلمين بشأن تطبيع دولة الإمارات مع العدو الصهيوني

بيان رابطة علماء المسلمين بشأن تطبيع دولة الإمارات مع العدو الصهيوني

 

بيان رقم (137)

السبت 25 / ذي الحجة / 1441هـ

بيان رابطة علماء المسلمين بشأن تطبيع دولة الإمارات مع العدو الصهيوني

الحمد لله ربِّ العالمين، ناصر ومعز المؤمنين، وقاهرِ ومذلِّ الكافرين والمنافقين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وإمام المتقين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فإنَّ رابطة علماء المسلمين تتابع باستنكارٍ بالغٍ ما تناقلته وسائل الإعلام من إعلان دولة الإمارات التطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني الغاصبِ، وهو ما يمثل طعنةً غادرةً للقضية الفلسطينية عامةً ولقضية القدس خاصةً، وهو انقلابٌ صريحٌ على ما استقر لدى الحكومات والشعوب العربية والإسلامية عبر عقودٍ من رفضٍ تامٍّ لكل صور التعامل والتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، والسعي الحثيث لاستعادة المقدسات السليبة.

وإزاء هذا الموقف الصادم فإن رابطة علماء المسلمين تؤكد على ما يلي:

أولاً: رفض هذا التطبيع المحرم شرعًا وما يترتب عليه من آثارٍ، واعتباره خيانة للقضية الفلسطينية، وتفريطًا في أرض فلسطين المقدسة والتي فيها المسجد الأقصى المبارك، الذي يعتبر جزءاً من ديننا وعقيدتنا، ويمثل انتهاكًا خطيرًا للمواثيق والقرارات التي أصدرتها وأقرتها جميع المجامع والمنظمات والهيئات الإسلامية، التي تمنع وتحرِّمُ بالإجماع التطبيع مع العدو الصهيوني الغاصب بجميع صوره وأشكاله؛ سواء التطبيع السياسيّ، والاقتصادي، والدبلوماسي، والاجتماعي، والثقافي، وغير ذلك من أشكال التطبيع المعاصر، لكونه يخالف لوازم الإيمان بالله تعالى، وعقيدة الولاء والبراء من أعداء الملة والدين.

قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾ [المائدة: 51-52].

ثانيًا: إن هذا التطبيع يتناقض مع ما وجب على المسلمين من سعي وجهادٍ لاسترجاع أرض فلسطين المحتلة والمغتصبة واستنقاذ المسجد الأقصى الأسير، وبذل كلِّ غالٍ ونفيسٍ لأجل ذلك، قال تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ الله عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا الله﴾ [الحج: 39-40].

ومتى ما كان بالمسلمين ضعف عن القيام بالجهاد واستنقاذ المقدسات؛ فإن الطريق لاستردادها هو الاستعدادُ والتهيؤ للجهاد وليس إسقاطه ولا إلغاءه بالكلية.

ثالثًا: إنَّ الفرق شاسع والبون واسع بين هدنة وصلح مؤقت وبين تنازلٍ عن الأرضِ وتفريطٍ في المقدساتِ، وإنَّ هذا الاتفاق ما هو إلا محاولة مفضوحة للتنازل عن الأرض والتفريط في المقدسات، وإضفاء الشرعية على هذا الكيان الغاصب، وتبييض صفحته من جرائمه، وتثبيت أركانه وشرعنة وجوده محلياً ودولياً، لضمان توسعه وسيطرته على الأمة الإسلامية، وتمكينه من شعوبها وخيراتها، مع شيطنة المقاومة وتجريمها.

رابعًا: إنَّ فلسطين بأسرها بقدسها وأقصاها- مسرى نبينا– إسلامية منذ فتحها الفاروق وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لا حق لليهود الغاصبين فيها تاريخًا ولا شرعًا.

ولا يملك أحدٌ كائنًا من كان؛ حاكمًا أو مؤسسة أو منظمة إقليمية أو دولية أو غير ذلك أن يتنازل عنها أو أن يفرط في شبرٍ منها؛ فضلًا عن أن يستقلَّ بإقرار الغاصبين عليها أو على غيرها من مقدسات المسلمين؛ فمَن فعل فهو مِن الخائنين.

خامسًا: إن مقتضى النصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامَّتِهم يحتم على المسلمين عامة وأهل العلم خاصة هو تذكير المسلمين؛ حكومات وشعوبًا ومؤسسات وهيئات بواجبهم المنوط بهم تجاه فلسطين والمسجد الأقصى، والذي يحتِّم عليهم جميعًا رفض هذا الاتفاق جملة وتفصيلًا، والإنكار على كلِّ دولة أو هيئة تقدم على مثل هذه الخيانة العظمى، والأخذ على أيديها بكلِّ سبيلٍ.

وتذكر رابطةُ علماء المسلمين من أقدم على هذه الاتفاقية الآثمة من حكام الإمارات بسيرة أسلافهم وموقفهم الأصيل من دعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ورفضهم لكلِّ سبل التعامل مع هذا الكيان الصهيوني الغاصب المحتل، وتدعوهم للتراجع الفوري عن هذه الاتفاقية التي ترفضها كلُّ الشعوب الإسلامية بما فيهم الشعب الإماراتي المسلم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لله وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ». رواه مسلم.

 سادسًا: تُثَمِّن الرابطة موقف الدول والحكومات الإسلامية التي أعلنت رفضها واستنكارها لهذه الاتفاقية الباطلة، كما تثمن موقف السلطة الفلسطينية الرافض بشدة لها، وتدعوها وكافة الفصائل الفلسطينية إلى نبذ الفرقة وجمع الكلمة والاعتصام بالله، ودينه وشرعه، وتحذرهم من عاقبة الفرقة والاختلاف؛ قال تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا الله وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال: 46].

﴿وَالله غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

صادر عن

الهيئة العليا لرابطة علماء المسلمين

25ذي الحجة/1441هـ

15/أغسطس/2020م