الجمعة ، 17 ربيع الأول ، 1446
section banner

بيان رابطة علماء المسلمين بشأن فيروس كورونا المستجد

بيان رابطة علماء المسلمين بشأن فيروس كورونا المستجد

 بيان رقم ( 128 )

الأحد 20  /  رجب / 1441هـ

بيان رابطة علماء المسلمين بشأن فيروس كورونا المستجد

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، وبعد:

فإن رابطة علماء المسلمين وهي تتابع تطورات الوباء العام الذي سببه فيروس كورونا المستجد قد أصدرت البيان التالي:-

أولاً: يجب على كل مسلم أن يؤمن بقضاء الله وقدره، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأن ما أصاب العباد لم يكن ليخطئهم، وأن ما أخطأهم لم يكن ليصيبهم، قال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]، وأنه ليس من أخلاق أهل الإيمان الهلع والجزع عند نزول المصاب، وقد قال تعالى: { لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}[النور: 11]، وأفعال الله تعالى حكمة كلها، عدل كلها، رحمة كلها.

ثانياً: كل بلاء أو وباء أو مصيبة فبما كسبت أيدي الناس؛ ليذيقهم الله بعض الذي عملوا، وحيث تنتشر الفواحش ويستعلن بها، ويعتدى على الدماء المعصومة والأعراض المصونة، ويتمالأ الظلمة على الإثم والعدوان.. فإن ذلك من أسباب زوال النعم وحلول النقم، قال تعالى : {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: 55].

فأهل الإيمان يشكرون في السراء، ويصبرون في الضراء، ويرضون بالقضاء، ويبادرون إلى التوبة عند نزول البلاء، ويعلمون «أن الهلكة كل الهلكة أن يُعمل بالسيئات في زمن البلاء»(1).

ثالثاً: يلتمس المؤمن حكمة الله بإظهار عظيم قدرته، عبر هذا الكائن المجهري الذي لا يرى، وإنما ترى آثاره الفتاكة، فلا تدفعه عن نفسها الجبابرة، وفي شهود هذه الابتلاءات تمحيص لأهل الإيمان، وتحصيل لليقين بأن المرض لا يؤثر في الأبدان بنفسه، وإنما بأمر الله، وأنه قد يتحفظ الإنسان جهده من المرض فيصيبه، وقد يتوكل على الله ويأخذ بالأسباب الممكنة فلا يمرض.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى .. وفر من المجذوم فرارك من الأسد» (2).

وقال لمن ظن العدوى تؤثر بنفسها: «فمن أعدى الأول؟» (3).

رابعاً: على كل مسلم أن يتخذ الأسباب المشروعة لتجنب الإصابة بالمرض، وليس له أن يتوكل على الأسباب، وأن يأخذه الهلع، فإن التوكل على الأسباب شرك، وتركها بالكلية والقدح فيها معصية، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر الصحي، فقال: «لا يوردنَّ ممرض على مصح» (4)، وأمر بترك مخالطة المجذوم، وأمر المريض أن يمتنع عما فيه إلحاق الضرر بغيره؛ إذ «لا ضرر ولا ضرار»(5).

ومن الأسباب الشرعية: التحصن بالأذكار النبوية طرفي النهار، وعند النوم، وعند الخروج والدخول، وعلى المسلم أن يحرص على التعوذات النبوية، كقوله صلى الله عليه وسلم «اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون والجذام ومن سيء الأسقام» (6).

وعليه أن يبتعد عن كل ما يظن أنه سبب في انتشار المرض، كالتجمعات وأماكن الازدحام.

وفي تعدد الجمع وتقليل عدد المصلين في الجماعات مندوحة عن تعطيل الجمع والجماعات في المساجد، التي هي أحب البقاع إلى الله تعالى، والجمعة والجماعات من شعائر الإسلام الظاهرة الواجبة المتواترة، والإجراءات الاحترازية لا تبلغ أن تعطل هذه الشعائر في البلد بأكمله، وعبر تاريخ الأمة لم يقع أن تداعى الحكام والعلماء على تعطيل المساجد عن الجمع والجماعات لأجل الوباء!

خامساً: يحرم حضور الجمع والجماعات على من كان مريضاً بهذا الوباء، أو حاملاً لمسببه بشهادة أهل الطب، ومن كان ضعيفاً أو خائفاً على نفسه فله عذر في التخلف عن الجمعة والجماعة، { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [الحج : 78] .

وليتخذ المسلمون أسبابهم الشرعية وليتوكلوا على رب البرية، قال تعالى: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 51].

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

------------------------------

(1) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (35869)، والدينوري في المجالسة وجواهر العلم (2243)، من قول النعمان بن بشير رضي الله عنهما .

(2) أخرجه البخاري (5707).

(3) أخرجه البخاري (5717)، ومسلم (2220).

(4) أخرجه البخاري (5770)، ومسلم (2221).

(5) أخرجه أحمد (2865)، وابن ماجه (2340).

(6) أخرجه أحمد (13004) وأبو داود (1554)، والنسائي في الكبرى (7876).

صادر عن

الهيئة العليا لرابطة علماء المسلمين

الأحد 20 / رجب / 1441هـ

الموافق 15 / مارس / 2020م