الجمعة ، 17 ربيع الأول ، 1446
section banner

بيان رابطة علماء المسلمين حول الإساءة لنبي الله الكريم عيسى ابن مريم في افتتاح أولمبياد باريس 2024م

بيان رابطة علماء المسلمين حول الإساءة لنبي الله الكريم عيسى ابن مريم في افتتاح أولمبياد باريس 2024م

الحمد لله رب العالمين، وصلاة وسلامًا على جميع الأنبياء والمرسلين ، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:

فقد تابعت رابطة علماء المسلمين ما تناقلته وسائل الإعلام المختلفة من قيام اللجنة المنظمة في افتتاح دورة الألعاب الأوليمبيَّة بباريس 2024م، من تعدٍّ سافر وإساءة بالغة لنبي الله الكريم المسيح عيسى ابن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.

وما تضمنه هذا الحفل الآثم من المشاهد الماجنة والمشينة والمسيئة التي تَصَدَّرتْ ذلك الحفل، وما وقع فيه من محاكاة ساخرة وتجسيد في غاية البذاءة والانحطاط للوحة العشاء الأخير، وهو حدث مهم في الديانة المسيحية وذكرى للسيد المسيح مع تلاميذه، حيث إن هذه اللوحة تحمل إشارة رمزية لنبي الله المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام من خلال عرض "دراغ كوين" الذي يتضمن ترويجًا للشذوذ وتسويقًا للقيم المعارضة للفطرة الإنسانية.

وانطلاقًا مما أوجبه الله تعالى على أهل الإسلام عامة وأهل العلم خاصة من واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن أعظم هذا المنكر بعد الكفر والشرك بالله عزَّ وجلَّ، الإساءة إلى أنبيائه ورسله، وعدم توقيرهم وتعظيمهم، والطعن في أحدهم؛ فنحن المسلمين أولى بالرسل والأنبياء من جميع الأمم التي تنتسب إليهم! مصداقًا لقول الله سبحانه: ﴿قولوا آمَنّا بِاللَّهِ وَما أُنزِلَ إِلَينا وَما أُنزِلَ إِلى إِبراهيمَ وَإِسماعيلَ وَإِسحاقَ وَيَعقوبَ وَالأَسباطِ وَما أوتِيَ موسى وَعيسى وَما أوتِيَ النَّبِيّونَ مِن رَبِّهِم لا نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِنهُم وَنَحنُ لَهُ مُسلِمونَ﴾ [البقرة: ١٣٦]؛ ولأجل ذلك فإن رابطة علماء المسلمين تؤكد على ما يلي:

أولًا: إن الإساءة لنبي الله المسيح عيسى ابن مريم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم في حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024م جريمة كبرى ومنكر شنيع، وهو إساءة للمسلمين والمسيحيين في العالم على حد سواء، تستوجب الأخذ بيد من حديد على من تولى كبرها ومحاسبته ليكون عبرة لكل من يقدم على مثل ذلك!

ثانيًا: إن للمسيح ابن مريم عليه السلام مكانة خاصة لدى أهل الإسلام؛ وقد جاء ذكره عليه السلام في آيات كثيرة من القرآن الكريم تؤكد على ذلك، وسَمَّاه الله في القرآن الكريم وجيهًا؛ فقال تعالى في وصفه: ﴿وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ [آل عمران: 45]، وَعَدَّهُ مِن أُولي العَزم من الرُّسُل. ويؤمن المسلمون أن المسيح عليه السلام ينزل إلى الأرض آخر الزمان ليحكم بشريعة الإسلام ويقتل الدجال، كما جاء في صحيح مسلم قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاللهِ، لَيَنْزِلَنَّ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَادِلًا، فَلَيَكْسِرَنَّ الصَّلِيبَ، وَلَيَقْتُلَنَّ الْخِنْزِيرَ، وَلَيَضَعَنَّ الْجِزْيَةَ...».

 ثالثًا: يعتقد المسلمون اعتقادًا جازمًا أنَّ الإساءة إلى المسيح عليه السلام أو إلى أيِّ نبيٍّ من إخوانِه عليهم السَّلام منكر عظيم من كلِّ أحد، وهو كفر أكبر مخرج من ملة الإسلام لمن يقدم عليه أو يرضى به من المسلمين، وأن " مِن خصائص الأنبياء أنَّ مَن سبَّ نبيًّا مِن الأنبياء قتل باتفاق الأئمة وكان مرتدًا، كما أنَّ مَن كفر به وبما جاء به كان مرتدًا، فإن الإيمان لا يتم إلا بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله "!

رابعًا: إن الإساءة إلى المسيح عليه السلام هي نتيجة حتمية للسكوت وعدم الرد على جريمة الإساءة إلى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم تحت مسوغ حرية التعبير الذي يستدعونه عندما يتعلق الأمر بالإساءة إلى الأنبياء والمرسلين فقط!  

خامسًا: تثمن رابطة علماء المسلمين موقف كل من أدان واستنكر هذا الفعل المشين، كما تهيب الرابطة بالهيئات الرسمية، والمنظمات الحقوقية، والمؤسسات الإعلامية، والرياضيين والمشاهير والمؤثرين من أصحاب الحسابات على منصات التواصل المختلفة إلى مطالبة اللجنة المنظمة للبطولة والدولة المستضيفة لها لمحاسبة المسئولين عن إخراج هذا المشهد المستهجن، ولا يكفي مجرد الاعتذار.

سادسًا: تؤكد رابطة علماء المسلمين على ضرورة سن القوانين والتشريعات الدولية التي تجرم ازدراء الأنبياء والمرسلين وتمنع الإساءة إلى المقدسات، منعًا لتكدير السلم العالمي وإشاعة الكراهية بين أهل الملل. 

سابعًا: تكشف هذه المواقف أن ما تقوم الدولة الفرنسية بترويجه من مزاعم تبنيها لقيم العدالة والحرية والسلام والحقوق وغيرها من الدعاوى العريضة لم يعد سوى شعارات جوفاء، يكشف زيفها الأقوال والأفعال!

كما يكشف عن الانحراف العقدي والتطرف الفكري والسلوكي الذي لاتزال تنتهجه فرنسا وتصر عليه وتستدعيه في جميع المناسبات والمناشط، بهدف إقصاء الدِّين، وتأليه الشَّهوات الجنسيَّة الهابطة، وفرض نمط حياة حيوانيَّة تُنافي الفطرة الإنسانيَّة السَّليمة، وتستميت في تطبيعِه وفرضه على المجتمعاتِ بكلِّ السُّبُل والوسائل الممكنة وغير الممكنة وهو ما يؤذن بفساد حياة الجنس البشري وانتكاس فطرته!

وتدعو رابطة علماء المسلمين مفكري العالم وعقلاءهم جميعًا إلى ضرورة الوقوف في وجه هذا التطرف والانحراف والتصدي له ومنع تغوله.

والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.