الخميس ، 19 جمادى الأول ، 1446
section banner

بيان رابطة علماء المسلمين حول المجزرة الشنيعة في غزة

بيان رابطة علماء المسلمين حول المجزرة الشنيعة في غزة
بيان رابطة علماء المسلمين حول المجزرة الشنيعة في غزة
الحمد لله القائل في كتابه العزيز:{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التوبة: 36]، والصلاة والسلام على رسوله الأمين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، القائل:
«...الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ...» صحيح مسلم (4/ 1986)، أما بعد،
فإن الجريمة الشنيعة والمجزرة المروعة التي قام بها الصهاينة المجرمون ليلة الأربعاء الأول من ربيع ثاني 1445هـ - يوافقه السابع عشر من شهر أكتوبر، بدعم ومشاركة غربية أمريكية باستهداف آثم متعمد لمستشفى المعمداني في غزة والتي راح ضحيتها قرابة الألف شهيد من الأبرياء المدنيين ما بين طفل وامرأة ومريض وطبيب ومسعف- إن هذه المجزرة وهذا الطغيان لم يعد يجد معه بيانات استنكار وإدانة واستهجان!
بل إن هذا العدو المجرم وحلفاءه أعلنوها صراحة بأقوالهم وأفعالهم وأعربوا عن هدفهم وهو استئصال هذه البقعة بمن عليها من البشر، لا يراعون حرمة لطفل ولا لامرأة ولا يقيمون أي اعتبار لقانون، بل صرحوا في وسائل إعلامهم وتصريحاتهم الرسمية أنهم حيوانات يجب استئصالهم!
واللوم لا يتوجه إلى هؤلاء فهذا ديدنهم الآثم عبر تاريخهم الدموي المخزي، كيف لا وقد قال الله سبحانه في أسلافهم: {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 8]، وقال فيهم: {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ} [التوبة: 10].
إنما اللوم كل اللوم والمؤاخذة كل المؤاخذة والإثم كل الإثم إنما هو لمن يخذلهم من الحكام والحكومات والعلماء والجماهير المسلمة، ولمن يكتفي بالشجب ويتخاذل عما يجب عليه في دفع هذا الظلم والعدوان؛ ومن هذا المنطلق فإن رابطة علماء المسلمين تعلن للأمة الإسلامية هذا البيان:
أولًا: كل دولة أو نظام أقام علاقة مع هذا الكيان اللقيط ثم لم يقطعها فهو شريك له في هذه الجريمة.
ثانيًا: على جميع الدول الإسلامية، بل وكل الدول التي لاتزال عندها بقية إنسانية، أن تعيد النظر في علاقاتها بالدول المحاربة للمسلمين، وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا وفرنسا والهند، وإغلاق قواعدها العسكرية في بلاد المسلمين.
ثالثًا: الواجب على جميع المسلمين حكامًا وحكومات وشعوبًا أن يدفع هذا العدوان بكل سبيل من سلاح ومال وإعانات طبية وغذائية ومعيشية.
قال تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال: 72، 73].
رابعًا: على العلماء والخطباء والدعاة كل بحسب قدرته أن يستنفروا الناس لنصرة إخوانهم بكل سبيل، ويبينوا لهم وجوب هذه النصرة بالنفس والمال واللسان وبكل سبيل، وحكم المتخاذلين عنه، والداعمين لأعدائهم.
{وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75) الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: 75، 76].
خامسًا: على التجار ورجال الأعمال واجب عظيم وهو موجع لحلفاء هذا الكيان الغاصب وداعميه، من مقاطعة شركاتهم، والاستغناء عن عمالتهم. مع قيامهم بجهاد الإنفاق في سبيل الله ومد يد العون إلى إخوانهم المنكوبين.
قال تعالى: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38]
سادسًا: على أهل الإعلام بمختلف أدواته واجب عظيم في نصرة إخوانهم وتعرية المجرمين وكشف كذبهم وفضح جرائمهم على العالمين بجميع لغات الأرض لتعرف الجماهير المنصفة حقيقة جريمة هذا الكيان وداعميهم من الحكومات الغربية.
سابعًا: على الجماهير المسلمة أن تري للجميع غضبتهم، وأن ينتفضوا في وجه سفارات العدوان مطالبين بطرد سفرائهم وقطع العلاقات معهم. مع مقاطعة مطاعمهم وسائر شركاتهم.
ثامنًا: إلى إخواننا في فلسطين الجريحة؛ نعلم أن الجرح عظيم وأن الناصر البشري ضعيف، فاجعلوا رجاءكم في الله وحده فهو نعم المولى ونعم النصير، وأولئك الرافضة الذين عول عليهم البعض ورجا نصرتهم قد استبان لكثير منهم أنهم واهمون وأنهم لن ينالوا منهم إلا الخذلان والتصريحات الجوفاء، وقد أظهرت الأحداث هذه الحقيقة لكل ذي عينين.
وأخيرًا: ألا فليعلم كل أحد أن الله ناصر دينه ومتم أمره ولو كره الكافرون والمشركون والمنافقون، {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المجادلة: 21]، ووعده بالتمكين لعباده المؤمنين آت لا محالة؛ قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [النور: 55 - 57]. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ".
نسأل الله أن ينصر المستضعفين والمجاهدين في كل مكان.
رابطة علماء المسلمين
3 ربيع الآخر 1445هـ