حول الأحداث الراهنة
البيان رقم (45) |
|
الموضوع |
حول الأحداث الراهنة |
التاريخ |
7 ذو القعدة 1435هـ 2/9/2014م |
الحمد لله أبدًا سرمدًا، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وأصحابه الغر الميامين النُجَبا.. أما بعد:
فإن رابطة علماء المسلمين مرجعيةٌ شرعيةٌ، أُسِّسَت:
لإحياء وظيفةِ العلماءِ في الأمةِ،
والعملِ على جمعِ كلمةِ المسلمين على الحق والهدى،
والاهتمام بقضاياهم ومشكلاتهم، وتقديم الحلول وفق منهجِ وعقيدةِ أهل السنة والجماعة،
ومن واجباتها حمايةُ الأمة من التغريب والمناهج المنحرفة.
والرابطة إذ تعقد هذا المؤتمرَ؛ فإنها تريد أن تبين الموقف الشرعيَّ إزاء القضايا الراهنة، تبيانًا لما وجدوا، وإفصاحًا بالحق فيما تيقنوا، وإعذارًا إلى الله تعالى بإنفاذ الميثاق الذي أخذه الله عليهم كما قال سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ }[آل عمران: 187].
ومن هذه الوقائع الكبرى وأحكامِها الشرعية ما يلي:
أولًا: إن ما أصاب الأمة الإسلامية في بقاع شتى من مصائب وجراحات وآلام، إنما هو بقدر الله عز وجل القائل: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ}[الرعد: 8]، ورغم كل هذه الجراح وتلك المحن؛ فإن هذه الأمة موعودة بالعزة والسؤدد والتمكين، كما بشر بذلك نبينا الكريم a فقال: (بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالنَّصْرِ وَالسَّنَاءِ وَالتَّمْكِينِ). وقال a: (لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ مَنْصُورِينَ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ).
ثانياً: تهنئ الرابطة عموم المسلمين، والفلسطينيين وأهل غزة خاصة، بما أكرمهم الله تعالى به من الثبات على أرض الرباط والصمود في وجه العدوان الآثم. وقد ظفروا بالنصر ورد كيد عدوهم، ونوصيهم بالصبر والمصابرة لقوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[آل عمران: 200].
هذا.. وتطلق الرابطة حملة كبرى لإعمار غزة، وتدعو جميع الدول الإسلامية في هذا الصدد إلى دعمهم ورفع الحصار الظالم عنهم، والمساهمة الجادة في مشروع الإعمار،
كما تدعو جميع الفصائل الفلسطينية المجاهدة إلى العمل على وحدة الكلمة واجتماع الصف والحذر من الفرقة والتنازع والاختلاف.
ثالثاً: تعلن الرابطة دعمها التام لأهل اليمــن أمام محاولة جماعة الحوثيين لتحقيق المشروع الصفوي الرافضي، الذي يهدف إلى تمزيق الأمة، وإفساد عقيدتها ودينها.
والرابطة إذ تحذر من هذا المشروع وأهله على الأمة عامة واليمن خاصة؛ فإنها تهيب بالعلماء والدعاة في اليمن أن يبادروا لتوحيد صفوفهم وجمع كلمتهم، وأن يُعمِلوا حكمتهم في توحيد الصفوف وجمع الكلمة؛ لتفويت الفرصة على الروافض ومشروعهم، كما تدعو أهل اليمن إلى الالتفاف حول علمائهم، والأخذ بكل أسباب القوة؛ لإجهاض هذا المشروع الرافضي الصفوي.
وفي هذا الصدد تثمن الرابطة قرار الحكومة السودانية بإبعاد الملحق الثقافي وإغلاق المراكز الثقافية الإيرانية في الخرطوم؛ لدورها الخطير في نشر التشيع وصنع المؤامرات في ربوع دولة السودان السنية.
رابعاً: تؤكد الرابطة دعمها لموقف الشعب الليبي وثباته أمام محاولات الانقلاب على إرادته وثورته بدعم قوى خارجية، وتشيد بمواقف العلماء المؤيدين لثورتهم، وتدعو جميع الليبيين، -وشباب الثورة منهم خاصة- إلى الالتفاف حول علمائهم، والصدور عن رأيهم.
خامساً: تؤكد الرابطة على موقفها الذي أعلنته منذ اللحظة الأولى من دعمها لثورة الشعب السوري المباركة ضد النظام النصيري الطائفي الظالم، وتدعو جميع الفصائل المقاتلة للوحدة والاتحاد، والحذر من فصائل الغلو والتطرف، والتحذير من مسالكها التي لا تخدم إلا النظام النصيري المجرم؛ بهدف إفساد الثورة السورية وتبرير التدخل من القوى الخارجية الداعمة لهذا النظام، بحجة مواجهة هذه الفصائل.
سادساً: تثمن الرابطة ثورة العشائر السُنية المباركة في العراق في وجه المشروع الطائفي الصفوي الإجرامي، وتحذر من بعض فصائل الغلو والتطرف التي تحرف هذه الثورة السنية عن وجهتها، وتبرير استهداف أهل السنة من قبل الرافضة والقوى الخارجية.
سابعًا: نؤكد على حرمة الدماء البريئة والظلم الواقع على أهل مصر، ونسأل الله أن يرفع الظلم والاضطهاد عنهم.
ثامنًا: تدعم الرابطة حقوق الشعوب المسلمة المضطهدة في كل من أفريقيا الوسطى وبورما وتركستان الشرقية والأحواز وغيرها، وتؤكد أن ما يقع عليهم من مذابح بشعة، وتهجير قسري، هو جريمة إبادة جماعية وتطهير عرقي بكل المقاييس، وفي كل القوانين والأعراف، {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[البروج: 8].
ورسالتنا إلى إخواننا المكلومين المظلومين في كل مكان،أن يصبروا على ما حل بهم من البلاء، وأن يدافعوا عن أنفسهم بكل الطرق المشروعة، قال تعالى:{وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42)}[سورة الشورى].
وختاماً فإننا ندعو جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لنصرة إخواننا بما يستطيعون مادياً ومعنوياً، تحقيقاً لقول الله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ}[سورة الأنفال: 72]. ولقوله a :(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا) وشبك بين أصابعه.. قال الله تعالى: {إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}[الأنفال: 73]، وقوله a: (مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا عِنْدَ مَوْطِنٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ. وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ).
والله المسؤول أن ينصر المسلمين أجمعين، وأن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الظالمين، إنه نعم المولى ونعم النصير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.