مجزرة رابعة
البيان رقم (31) |
|
الموضوع |
مجزرة رابعة |
التاريخ |
٨ شوال ١٤٣٤هـ 15 / 8 / 2013م |
الحمد لله قاصم الجبابرة والطغاة، ومُذِلّ الظلمة والبُغاة، والصلاة والسلام على القائل: (المسلمُ أخو المسلمِ ، لا يظلِمُهُ ولا يخذلُهُ ، ولا يحقِرُهُ) وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:
شاهد العالم أجمع ما حصل يوم أمس من مجزرة مروّعة في محيط ميدان رابعة العدوية وغيره من الميادين بمصر!! شملت الأطفال والنساء والشيوخ والعُزل الأبرياء, مع انتهاك الحقوق والحرمات.. كل ذلك حدث ضد المعتصمين السلميين المطالبين بالحقوق المشروعة لهم!!
وعلى ضوء هذه الأحداث الجسيمة؛ فإن رابطة علماء المسلمين إزاء هذا الحدث الجلل تؤكد ما يلي:
أولاً: دماء المصريين التي سالت ذنبٌ عظيم لَبسه القاتل ومَن أمره وأيّده بذلك وناصَره وفرح به؛ إذ سفْك الدماء من أعظم الذنوب والموبقات، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}، وفي الحديث عن رسول الله أنه قال: (لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا) [رواه البخاري/6862] ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( قَتْلُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا )[النسائي3986].
ثانياً: يحرم على منسوبي القوات المسلحة والشرطة قتل المعتصمين السلميين والمتظاهرين، المطالبين بعودة الرئيس المعزول "مرسي" بسلمية؛ لأنهم مسلمون معصوموا الدم، كما أنهم أبناء بلدكم وعشيرتكم وإخوانكم؛ فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فاحذر أن تقف بين يدي الله عز وجل وفي رقبتك دمٌ حرامٌ سَفْكُه.. قال الله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)}[سورةالبقرة].
فعلى الشرفاء الأحرار من منسوبي المؤسسة العسكرية الوقوف ضد من يريد أن يجر مصر إلى مستنقع من الدماء، ودوامة من الفوضى والحرب الأهلية، واستنزاف خيرات مصر ومقدّراتها، وإفساد البلاد، والعاقلُ لن يعدم حلاً إذا عزم وصدق لله ثم لوطنه.
ثالثاً: الحكومات التي أيدت ودعمت الانقلاب تتحمل مسؤلية إراقة الدم المصري، وليست بمنأىً عن عقوبة الله لها؛ جَرّاء دعمها للظلم ونشر الفوضى والفساد, فعليهم المبادرة بتصحيح خطئهم وإعادة الحقوق لأصحابها.
رابعاً: على حكومات العالم عامة والإسلامية خاصة، وعلى المنظمات والهيئات الدولية والحقوقية الاستنكار والرفض التام لما حصل من مخالفة وانتهاك لجميع الشرائع والأديان السماوية، والأعراف والمواثيق الدولية بإراقة دماء السلميين من المواطنين العُزَّل الأبرياء الذين خرجوا يطالبون بمطالب صحيحة مشروعة.
خامساً: على عموم الإعلاميين من مؤسسات وأفراد مسؤولية كبيرة في نقل الوقائع والأحداث بموضوعية وصدق ومهنية ، فهذا من نصرة المظلوم ورفع الظلم وتأدية الأمانة, كما تقع المسؤولية على وسائل الإعلام المتضامنة لما حصل، فهي شريكة في الجريمة؛ لما تمارسه من تضليل وقلب للحقائق وتدليس للواقع، وسيعاقب أصحابها في الدنيا قبل الآخرة؛ لأن الظلم عقوبته معجلة.
سادساً: ان الدم الحرام الذي تحرم الدول سفكه بالنسبة للمواطنين الآمنين والمستأمنين، و الذي يُسْفَك من شعب مصر؛ أعظم ذنباً وأكبر جرماً؛ لأنه دم جماعي شمل الأطفال والنساء والشيوخ وغيرهم ممن لم يحمل سلاحاً ولم يقتل أحداً.
سابعاً: إن لمصر ثقلا ومكانة كبيرة في العالم الإسلام، وهي صمام أمان له، وما يحدث الآن هو كسر لهيبتها، وضياع لمكانتها، وإضعاف لقوتها، وإهدار لمقدّراتها، وتفكيك لشعبها.. وإن إسقاط مصر يفتح بابا من الشرور والفتن ما لا يعلمه إلا الله.
ثامناً: يا أهل مصر، إن النصر قريب، وإن العزة لله يمنحها بفضله وكرمه لعباده المسلمين الصادقين.. ثم إن تراجعَكم قتلٌ مع ذلة وعذاب وسجن، وثباتكم وصبركم ستكون عاقبته خيراً بإذن الله.. فـ{اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
وتذكروا قول ربكم : {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} وقوله تعالى: {ولَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
تاسعاً: إن اختزال ما يجري في مصر في جماعة معينة لا ينبغي، بل هو حرب على الهوية الإسلامية، و محاولة لإرجاع الأمور كما كانت أيام حكم "مبارك".
وأخيرا.. إن اختزال ما يجري في مصر ضد حزب أو جماعة معينة هو من المغالطات والتدليس والفجور، كما أن عقد الولاء والبراء في حب المسلمين ونصرتهم وموالاتهم لا ينفك بمجرد الانتماء إلى حزب أو جماعة معينة، ولو خالفنا هذا الحزب في طريقته وأسلوبه.
فيا عقلاء مصر وعلماءها، تجردوا لله، واجعلوا مصالح الأمة مقدمة على أي مصلحة، وكونوا يداً واحدة على الظلمة الطغاة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
اللهم احفظ مصر وأهلها من كيد الفجار وشر الأشرار، واحقن دماءهم، وآمن بلادهم.
والله غالب على أمره،،،