الأحد ، 22 جمادى الأول ، 1446
section banner

إعلان تنظيم الدولة للخلافة

إعلان تنظيم الدولة للخلافة

 

 

البيان رقم (43)

الموضوع

إعلان تنظيم الدولة للخلافة

التاريخ

 7 / 9 / 1435هـ    5 / 7 / 2014م

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. أما بعد.

فإن رابطة علماء المسلمين ما فتئت تحذر من مغبة إهمالٍ يتمادى خطره، ويتضاعف شرره.. وقيامًا بواجب النصح للأمة وتجلية الحجة أمام عموم أهل السنة؛ فقد أصدرت الرابطة بيانًا منذ عدة أشهر حذرت فيه من ممارسات تراها منكرة قامت بها جماعة مسلحة تسمت بـ"الدولة الإسلامية في العراق والشام"

واليوم راعَ المسلمين بيانٌ لهذه الجماعة أعلنت فيه الخلافة، وتنصيب خليفة أخذت له البيعة!! ثم أطلقت بيانًا جاء في بعض فقراته: «وننبه المسلمين أنه بإعلان الخليفة صار واجبًا على جميع المسلمين مبايعة ونصرة الخليفة إبراهيم...». وأنه: «صار بذلك إمامًا وخليفة للمسلمين في كل مكان», ودعَوا إلى أن يُقتَل كل من شق الصف بقولهم: «من أراد شق الصف فافلقوا رأسه بالرصاص، وأخرجوا ما فيه كائنًا ما كان، ولا كرامة»!!

وقد تساءل الناس من كل مكان: ما حكم ذلك منهم؟ وما الواجب حيالَه؟

وبناءً عليه فقد كان لزامًا أن تدلي الرابطة برأيها؛ نصحاً للأمة، وإبراءً للذمة، وخروجًا من العهدة؛ فنقول وبالله التوفيق:

أولاً: إن السعي لإقامة سلطان الشريعة والحكم بالكتاب والسنة فرض شرعي، وعمل مَرْضيّ، لا اختلاف على مشروعيته، ولكن بالطريق الشرعية المحققة للمقصود.

ثانيًا: إن جهاد الكفار المعتدين ذروة سنام الإسلام، وهو بيعة ماضية في أعناق المؤمنين، وادعاء نسخه أو تخصيصه بجهاد الكلمة بدعة في الدين وضلالة، وغفلة عن الواقع وجهالة.

ثالثًا: حين يتغلب عدو كافر على بلد من بلاد الإسلام فيقتطعه ويستلبه، أو يقهر أهله على الخضوع لغير شريعة الله؛ فعندها يتعين الدفع على كل حاضر قادر من أهل تلك الدار، ثم على من يليهم من أهل الآفاق.

رابعًا: للإمامة وما يتبعها من إقامة الجهاد مقصود أعظم: وهو حماية الدين وإقامة التحاكم إليه بين المسلمين ودرء الفتنة، وجمع الكلمة، ووحدة الأمة، وإرهاب أعداء الدين، وتقوية دولة المسلمين، ولا يتصور أن يعود الجهاد أو نصب الإمام على الأمة بعكس المقصود منهما.

خامسًا: إن التعامل مع واقعنا المعاصر اليوم يحتاج إلى اجتهاد فيما يتعلق بشأن الإمامة خاصة، ومن أهل العلم المعتبرين في الأمة بعامة، ولا يصلح لأحد أن يفتات على الأمة أو أن يفتي في شأنها العام من غير الرجوع إلى علمائها المشار إليهم بالعلم والديانة.

سادساً: إن الغلو في التكفير واستباحة الدماء والاستهانة بها؛ ليست من فتيا أهل العلم المتبعينI, ولا من عمل أهل الجهاد المتورعين, وما سبق نقله عن بيانهم يفتح باباً للاجتراء على الدماء المعصومة بغير برهان.

سابعاً: بالنظر إلى واقع جماعة "الدولة الإسلامية بالعراق والشام" يظهر بجلاء أنها لم تتمكن من أرض يدين لها أهلها بسمع أو طاعة, وهي تنازع غيرها من أهل السنة في الشام خاصة, فكيف يتأتى لها إعلان دولةٍ، فضلاً عن خلافة؟!

وبخصوص أميرها الذي خلعت عليه ألقابا كثيرة لا يعلم صحتها، فما الذي يحمل عموم المسلمين على بيعته, وهو غير معروف للخاصة فضلا عن العامة؟! والطاعة إنما تلزم في حق الأمة للأئمة المعلومين.

ثامناً: ليكن معلومًا أن البيعة لا تتأتى إلا بمن يتبعهم سائر الناس وينتظم بهم أمر العامة، فإذا كان المبايَع والمبايِعون ممن لا يُعرَفون لعموم الأمة؛ فكيف تنتظم بهم الأمور وتندرئ بهم الفتن؟

إن الحال التي نحن عليها تفضي إلى أن تتأجج معها الفتن!! ومن المعلوم أن من كانت تدين لهم هذه الجماعة بالولاء والإمارة والسمع والطاعة قد أنكروا بيعتهم وتبرأوا من فعلتهم !!

تاسعاً: من تداعيات هذا الإعلان أن يتداعى الكفار إلى ديار المسلمين بشكل مباشر أو غير مباشر؛ فيستبيحوا الدماء والأعراض، وتفتح الذرائع لإعمال السيف في رقاب الأبرياء والمدنيين، وسوف يتركز المصاب في أهل السنة الذين تنسب إليهم هذه الحركات، فتكون النكاية في المسلمين مضاعفة، عياذًا بالله، وتصوُّر هذه المآلات يكفي في الكف والمنع من هذه التصرفات غير المنضبطة.

عاشراً: النصيحة لشباب الأمة جميعا أن يجتمعوا على علماء الأمة العاملين ودعاتها الصادقين, وأن لا يعجلوا في مثل هذه الشؤون العامة, وأن يحذروا من التورط في مسالك الغلو والابتداع، أو التغرير والخداع.

حادي عشر: إن بسط سلطان دولة سُنّيّة في العراق بذاته نصر وفتح لمن وفقه الله له وأعانه عليه، وهو لا يتحقق على وجهه إلا باجتماع التيار السني بفصائله المختلفة، وباجتماع كلمتهم ووحدة صفهم أمام التحديات الداخلية والإقليمية والدولية المتربصة، وهو أمر يستوجب من الجميع حوارًا وائتلافًا وتعاونًا واجتماعًا على الوصول إلى غاية محمودة.

فالوصية للجماعات المقاتلة والعشائر السنية بالائتلاف والاتحاد، والعناية بشأن العراق، وعدم تصعيد المواجهة مع قوى إقليمية أو دولية؛ لعل الله أن يقيم بهم للسنة راية، ويحقق لهم غاية.

وفق الله الجميع للاحتكام إلى الكتاب والسنة، واجتناب الزيغ وأسباب الهلكة والبدعة، وحقن دماء المسلمين في بلاد الرافدين.

 والحمد لله رب العالمين ,,