الجمعة ، 17 ربيع الأول ، 1446
section banner

الأحكام الجائرة في حق علماء مصر

الأحكام الجائرة في حق علماء مصر

 

البيان رقم (40)

الموضوع

الأحكام الجائرة في حق علماء مصر

التاريخ

 11 / 8 / 1435هـ 9 / 6 / 2014

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه  وبعد،,,

فقد راع رابطة علماء المسلمين خبر الحكم بالقتل على طائفة من أخيار مصر المشهود لهم بالعلم والفضل؛ كيف لا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأنْبِيَاءِ) [جزء من حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وغيرهما].

وقد جعل الله سبحانه قتل العلماء الذين يأمرون الناس بالعدل وينهون عن المنكر، قرينَ قتل الأنبياء؛ تعظيماً لجرمه, وتوعد الذين يفعلون ذلك بالعذاب الأليم في الدّنيا والآخرة, قال الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ الله وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ)

[سورة آل عمران: 21-22]..

ولاشك أن من نتائج هذه الأحكام تشويه هؤلاء العلماء, والتنفير من أمثالهم, وإسقاط هيبتهم ومكانتهم من النفوس؛ لينصرف عنهم الناس, ويفقدوا ثقتهم في أهل العلم؛ ليقعوا فريسة سهلة في أيدي حملات التنصير, وأرباب الإلحاد, أو دعاة الرفض والتشيع!!

إن الاجتراء على دماء أهل العلم والفضل وأعراضهم عاقبته وخيمة، وهو نذير شؤم لمن يقدم عليه أو يسكت عنه، وهو في حقيقته اجتراء على دين الله تعالى, وعلى رسالة نبيه الكريم ﷺ بطريق غير مباشر.

ومما يؤسف له أن هذه الأحكام تصدر في بلد غالبيته مسلمون, في الوقت الذي يعظَّم فيه القساوسة والرهبان أشد التعظيم, ليس من أهل ملتهم وحدهم! بل من أولئك الذين يجترئون على علماء الإسلام ودعاته.

وأمام تلك الأحكام القضائية الجائرة، والاستهانة البالغة بعلماء الإسلام ودعاته؛ فإن رابطة علماء المسلمين تبين ما يأتي:

أولا : اعتراضها الشديد واستنكارها البالغ ورفضها القاطع لتلك الأحكام الجائرة في حق علماء الأمة ودعاتها.

ثانيا: تدعو رابطة علماء المسلمين جميع المؤسسات والمنظمات الإسلامية  والمجامع الفقهية وروابط العلماء في العالم الإسلامي وكافة العلماء إلى القيام بما أوجبه الله عليهم، والوفاء بالميثاق الذي أخذه منهم؛ صدعاً بالحق ونصرة لأهله، ورفضاً لهذا الظلم والعدوان على علماء الإسلام، واستنكاراً لحملات التشويه والإساءة لهم، والاستهانة بدمائهم وأعراضهم.

ثالثا :  تدعو رابطة علماء المسلمين المنظمات والمؤسسات الحقوقية في العالم كله إلى القيام بواجبها المنوط بها؛ من الدفاع عن المظلومين ونصرة قضاياهم، وتحذرهم من خطورة الكيل بمكيالين في القضايا الحقوقية, فهذا مسلك مُبدٍ لعوارهم, وكاشف خبيث طواياهم.

رابعا : تدعو الرابطة المؤسسةَ القضائية في مصر إلى مراجعة سياستها التي ظهر للقاصي والداني أن أحكامها هذه قد خرجت عن منظومة العدل، وتحولت بها إلى أداة قمع وبطش وإرهاب، وتذكّر القائمين عليها بعاقبة الظلم والجور؛ وقد قال الله عز وجل: (وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا) [طه:111]، وقال سبحانه: (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) [الأنعام:21].

وقال الرسول الكريم ﷺ: «الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ اثْنَانِ فِي النَّارِ، وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ: رَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ؛ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَلَمْ يَقْضِ بِهِ، وَجَارَ فِي الْحُكْمِ؛ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ لَمْ يَعْرِفِ الْحَقَّ فَقَضَى لِلنَّاسِ عَنْ جَهْلٍ؛ فَهُوَ فِي النَّارِ»[حديث صحيح رواه أصحاب السنن وغيرهم].

خامسا :  تدعو رابطة علماء المسلمين جميع حكام المسلمين والقائمين على أمورهم إلى الأخذ بقوة على أيدي العابثين بالعدل والمجترئين على أهل العلم، وتذكّرهم أن العدل أساس الملك، وأن الظلم وشيوعه أعظم أسباب زواله؛ قال تعالى: (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ) [سورة الحج:45]، وقال سبحانه:  (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ) [ سورة الحج: 48].وقال سبحانه : (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود: 102].

فليعلم الجميع أن غياب العدالة وشيوع الظلم لايخدم إلا أعداء الأمة المتربصين بها، ولا يحقق لها نهضة ولا رفعة؛ وإنما يستجلب غضب الله عز وجل الذي حَرّم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرمًا .

اللهم احفظ مصر وعلماءها وأهلها من كل سوء، واحفظ علماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، واجمع على الحق كلمتهم، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل العلم والصلاح ويقمع فيه أهل الزيغ والفساد، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.