الحرب الفرنسية الظالمة ضد مسلمي مالي
البيان رقم (21) |
|
الموضوع |
الحرب الفرنسية الظالمة ضد مسلمي مالي |
التاريخ |
5 / 3 / 1434هـ 17 / 1 / 2013م |
الحمد لله ناصر المستضعفين، وجاعل الدائرة على أعداء الدين المحاربين {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}. وصلى الله وسلم على إمام المجاهدين، وقائد الغر المحجلين القائل: (انصر أخاك ظالما أو مظلوما) والقائل: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه)الحديث، وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد:
فإن الحرب التي تشنها فرنسا على المسلمين في مالي ضَرْب من العدوان السافر، والتدخل في شؤونٍ لا مسوِّغ لدخولها فيها، لكنها حرب طوائف من الإسلاميين بدعوى الإرهاب والتشدد، فما كان ذنبهم إلاّ سعيهم لإقامة حكم إسلامي في بلدهم الذي طالما أُخضع للاستعمار وشريعة الغرب.
فالمسلمون في مالي لم يرتكبوا جرائم حرب، ولا جرائم ضد الإنسانية، ولا هددوا الأمن والسلم الإقليمي فضلاً عن الدولي! بينما يرتكب نظامٌ مجرم في الشام أبشعَ الجرائم ضد البشرية، وفرنسا -كسائر الأمم الغربية- تتفرج، وتكتفي بالشجب البارد، ولا تحرك ساكناً، بل تتربص للتدخل إذا استتبت الأمور للمجاهدين؛ للحيلولة دون أن يقطفوا ثمرة جهادهم!
وحيال هذا الظلم والعدوان نبين للأمة ما يأتي:
أولاً: ما فعلته فرنسا حربٌ وعدوان على المسلمين، يجب إنكاره، ولا يجوز إقراره فضلاً عن دعمه مادياً أو إعلامياً، أو بأي نوع من أنواع الدعم المعنوي؛ فمظاهرة الكافرين على المسلمين من نواقض الإسلام، كما هو ظاهر القرآن، وبينه أئمة وعلماء الإسلام، ولاسيما إن كان الكافر يعلن بأن حربه على قوم يريدون إقامة حكم إسلامي في بلدهم، فإعانته الكفارَ في هذه الحال من الموبقات العظيمة التي لا يجوز لمسلم أن يسهم فيها.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ . فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}[المائدة: 51-52].
ثانياً: على جميع المسلمين دُوَلاً وشعوباً ردُّ هذا العدوان ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، ودعم المجاهدين هناك بما أطاقوا، فإن لم تكن لهم على الحرب قدرة، ولم يكن لهم إلى دعم المجاهدين سبيل، فلا أقل من الوساطة للخروج بحل سلمي مشروع يكفّ المعتدي، ويصلح ما بين الإخوة في مالي.
ويقع على عاتق أهل العلم والعقل والديانة في تلك البلاد من ذلك الثقلُ الأكبر، وكل ذلك من جملة الولاء الواجب بين المؤمنين؛ لأن الكفار يوالي بعضهم بعضا، كما بَيَّن {وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ}[الأنفال: 73]، وقد فعلوا ذلك، فتمالؤوا في هذه النازلة، ودعموا الفرنسيين دون مواربة، وحَرِيٌّ بالمؤمنين أن يواليَ بعضُهم بعضاً: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ}[الأنفال: 72].
ثالثاً: حال المسلمين اليوم، تقتضي العمل على إقامة الدين بحكمة، فتُراعَى العواقب، وتُدرَك حدود الطاقة، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها وما آتاها، ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه، وقَدّرَ قبل الخطو لرجله؛ فلم يُعنِت نفسه أو يسبب العنت لغيره. لكن تقدير هذه الأمور كثيراً ما يكون موضع اجتهاد، فلا يجوز أن يكون الخلاف فيه سبباً في خذلان المسلم لأخيه المسلم، ولا مسوغاً لإسلامه لعدوه، دَعِ الإعانة عليه أو الشماتة به، أو إقرار احتلال بلاده، فهذا فعلُ من لا خَلاق لهم، وقد قال الله فيهم: {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[آل عمران: 168]، وقد كان هذا يوم أُحُد حيث خرج المسلمون باجتهاد، ونزلوا من الجبل باجتهاد.
وأخيراً، فإن مما ليس لمسلم أي عذر فيه، هو واجب النصرة بالدعاء لإخواننا في مالي بأن يُذِلّ اللهُ أعداءهم، وينصرهم عليهم، وأن يرزق المسلمين من الصبر أضعاف ما نزل بهم من البلاء، وأن يلطف بهم، ويداوي جرحاهم ويشفي مرضاهم، ويرحم قتلاهم، وأن ينجي المستضعفين ويهلك الظالمين،
والحمد لله رب العالمين..وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.