الجمعة ، 17 ربيع الأول ، 1446
section banner

بشأن منع بعض الدول الأوربية للحجاب

بشأن منع بعض الدول الأوربية للحجاب

 

البيان رقم (57)

الموضوع

بشأن منع بعض الدول الأوربية للحجاب

التاريخ

    25/  2/1437هـ    الموافق  7/  12   /2015 م                                                                                                                                                                   

 

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى أصحابه وأزواجه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فبين الدهشة والأسف تَلَقَّى العالم الإسلامي أنباء ما تُحدثه بعض الدول الأوروبية اليوم من تشريعات تحارب على أساسها شرائع الإسلام الظاهرة! ومن ذلك ما صدر بمنع المرأة المسلمة من تغطية وجهها والتخلي عن نقابها وحجابها.

ورابطة علماء المسلمين إذ توجه بيانها هذا إلى كل العقلاء في العالم الغربي؛ لتنطلق من قول الله تعالى: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً﴾[آل عمران:113]، ومن قوله تعالى: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [العنكبوت:46].

أيها العقلاء: إنه من المستقر لدى علماء المسلمين في جميع الأعصار والأمصار أن تغطية المرأة المسلمة لوجهها أمر مشروع بالإجماع؛ فليس فيه غلو ولا شذوذ.

ومن المعلوم لدى الكافة أنه-عند الاقتضاء- لا تعارض بينه وبين إجراءات تحقيق الشخصية والدواعي الأمنية، كما أن المنقّبة لم يمنعها نقابها أن تدرس في الجامعات، ولا أن تتبوأ أعلى الدرجات، ولا أن تشارك في خدمة بلدها وأن تعمل في تحقيق مصلحة وطنها.

وتشريع مثل هذه القوانين الجائرة يمثل اضطهادًا للأقلية المسلمة، كما لا يخلو الأمر من مقامرة سياسية وروح عنصرية، وإلا فلتمنع القلنسوة اليهودية والعمامة الهندوسية، وسائر الألبسة والهيئات الدينية!!.

إن رابطة علماء المسلمين تدعو العالم الغربي -وهو يتوشح اليوم بدعاوى عريضة من حقوق الإنسان، والمحافظة على حقوق المرأة، وحفظ حقوق الأقليات، ومنع التمييز العنصري على أساس ديني-؛ ندعوه ألا يكيل بمكيالين، وينكث عهده بحسب الأهواء، وبمحض الاشتهاء.

إن هذه التشريعات الجائرة ستقوّض مصداقية الغرب حيال ما يدّعيه من تعميم ثقافة التواصل، وقبول الآخر، وإلا فكيف يفهم العالم الإسلامي تشريعًا يحارب بضع مئات من المسلمات اللائي غطَّين وجوههن بتكليف ديني يشيع الفضيلة، وهو قبل ذلك وبعده حق إنساني وحرية شخصية؟!

أيها العقلاء: قد أبحتم الدعارة والشذوذ والزواج المثلي - مع أنه محرم في كل الأديان السماوية - بدعوى الحريات؛ وشرعتم لها ما يكفل ويضمن لأصحابها حظوظهم ومآربهم، فهلا وقفتم بجانب الطهر والعفاف على السواء! إنكم ما زلتم تعانون معاناة مريرة من سوآت الدعارة، وآثار الشذوذ: اجتماعيًا، وأخلاقيًا؛ فانهدم نظام الأسرة، وتفككت الروابط الاجتماعية، وها أنتم تدقون ناقوس الخطر بتراجع معدلات النمو السكاني في أوروبا بأسرها؛ أفلا ترجعون إلى الفطرة السوية وتعودون إلى الحكمة والعقلانية!

إن رابطة علماء المسلمين تربأ بكم أن تسوقوا العدالة والمساواة بسياط الظلم الفادح والازدواجية المغرضة، ناقضين بذلك مقالاتكم ومقرراتكم، حتى عاد ظلمًا وَصْفُها بالعدل، كما صار عدلًا وَصْفُها بالظلم.

أيها المدافعون عن الإنسانية في أوروبا: لا يليق بكم أن تكبلوا نساءً ضعافًا لا يختلفن عنكم في إنسانية، ولا جنسية، ولا مواطنة، ولا حرية، فتسلبوا عنهن حقوقًا قد ضمنتموها لأمثالهن؛ بل ضمنتموها لدونهن عفافًا وطهرًا!!

يا جمعيات حقوق الإنسان: أليست المنقَّبة إنساناً؟ لماذا أصواتكم مرتفعة مع حقوق المرأة المتفلتة عن دينها، وتخفت أصواتكم أمام  حقوق المرأة المسلمة المحافظة على دينها؟!.

يا أصحاب حقوق المرأة: أليست المنقبة امرأة، لماذا حقوق المرأة المتمردة على الحياء محفوظة، وحقوق المرأة المحافظة على حيائها مرفوضة؟!.

أيتها المسلمات العفيفات:

v  تمسكن بدينكن، والتزمن بعقيدتكن، وتعلقن  بحجابكن وعفتكن،

v  وطالبن بحقوقكن، 

v  وأَثْبِتْنَ جدارتكن في الحياة من غير تخلٍّ عن أحكام شريعتكن المطهرة.

v  واعلمن أنه سيبقى في ساحات القضاء مُتَّسَعٌ لمطالبة، وفي آذان العقلاء بقية من إنصاف، وفي عدد من الجهات الدولية والعالمية قدر من مصداقية؛ فأقمن الحجة ناصعة، وانطقن بكلمة الحق مدوية ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ﴾

إلى عقلاء الغرب:

لقد أكرم الإسلامُ الإنسانَ، وضمن له العيش في الإسلام بكل احترام، مع حفظ حقوقه الشخصية ولو لم يكن مسلماً؛ وأنتم -مع ادعائكم العدل والإنصاف وحفظ الحقوق والحريات- إلا أن الواقع في التعامل مع المسلمين يخالف ذلك.  فأين ما تدّعون؟ أم أنها حريات وحفظ حقوق، لكن لغير المسلمين!!.

وأخيرًا فإن رابطة علماء المسلمين تستنكر هذا العدوان السافر، وتناشد مختلف الحكومات والهيئات العالمية خاصة الحكومات العربية والإسلامية- أن تقوم بواجبها في مخاطبة تلك الحكومات الغربية؛ نصرةً للمستضعفات، وحمايةً لحقوق المسلمين من الأقليات، ومدًا لجسور التواصل مع سفراء الإسلام خارج أوطانهم.

والحمد لله رب العالمين،،،